للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَقَدْ جَعَلْتُكَ فِي الفُؤَادِ مُحَدِّثِي ... وَأَبَحْتُ جِسْمِيَ مَنْ أَرَادَ جُلُوْسِي

فَنَسَبَهَا بَعْضُهُم إِلَى الحُلُوْلِ بِنِصْفِ البَيْتِ، وَإِلَى الإِبَاحَةِ بِتَمَامِهِ.

قُلْتُ: فَهَذَا غُلُوٌّ وَجَهْلٌ، وَلَعَلَّ مَنْ نَسَبَهَا إِلَى ذَلِكَ مُبَاحِيٌّ حُلُوْلِيٌّ، لِيَحْتَجَّ بِهَا عَلَى كُفْرِهِ، كَاحْتِجَاجِهِم بِخَبَرِ: (كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ (١)) .

قِيْلَ: عَاشَتْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.

تُوُفِّيَتْ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ (٢) .

٥٤ - أَمَّا

: رَابِعَةُ الشَّامِيَّةُ *

العَابِدَةُ، فَأُخْرَى مَشْهُوْرَةٌ، أَصْغَرُ مِنَ العَدَوِيَّةِ، وَقَدْ تَدْخُلُ حِكَايَاتُ هَذِهِ فِي حِكَايَاتِ هَذِهِ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ القَائِلَةُ مَا رَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ


(١) قطعة من حديث أخرجه البخاري ١١ / ٢٩٢ - ٢٩٧ في الرقاق: باب التواضع، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لاعطينه، ولئن استعاذني لاعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ".
قال الخطابي: هذه أمثال، والمعنى: توفيق الله لعبده في الاعمال التي يباشرها بهذه الاعضاء وتيسير المحبة له فيها، بأن يحفظ جوارحه عليه، ويعصمه من الله مواقعة ما يكره الله من الاصغاء إلى اللهو بسمعه، ومن النظر إلى ما نهى عنه ببصره، ومن البطش فيما لا يحل له بيده، ومن السعي إلى الباطل برجله.
وقال الطوفي: اتفق العلماء ومن يعتد بقوله أن هذا مجاز، وكناية عن نصرة العبد وتأييده وإعانته
حتى كأنه سبحانه ينزل نفسه من عبده منزلة الآلات التي يستعين بها، ولهذا وقع في رواية: " فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي ".
(٢) في ابن خلطان نقلا عن ابن الجوزي أن وفاتها سنة ١٣٥، وقال غيره: ١٨٥، وأوردها في " النجوم الزاهرة " فيمن توفي في سنة ١٣٥، و١٨٠.
(*) صفوة الصفوة لابن الجوزي: ٤ / ٣٠٠، طبقات الأولياء: ٣٥، شذرات الذهب: ٢ / ١١٠.