للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَاعَةً، وَذَكَرُوا شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَلَمَّا قَامُوا، قَالَتْ لِخَادِمَتِهَا:

إِذَا جَاءَ هَذَا الشَّيْخُ وَأَصْحَابُهُ، فَلاَ تَأْذَنِي لَهُم، فَإِنِّي رَأَيتُهُم يُحِبُّونَ الدُّنْيَا.

وَعَنْ أَبِي يَسَارٍ مِسْمَعٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَابِعَةَ، فَقَالَتْ:

جِئْتَنِي وَأَنَا أَطبُخُ أَرْزاً، فَآثَرتُ حَدِيْثَكَ عَلَى طَبِيْخِ الأَرْزِ، فَرَجَعتْ إِلَى القِدْرِ وَقَدْ طُبِخَتْ.

ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عُبَيْسُ بنُ مَيْمُوْنٍ العَطَّارُ، حَدَّثَتْنِي عَبْدَةُ بِنْتُ أَبِي شَوَّالٍ - وَكَانَتْ تَخْدُمُ رَابِعَةَ العَدَوِيَّةَ - قَالَتْ:

كَانَتْ رَابِعَةُ تُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا طَلَعَ الفَجْرُ، هَجَعَتْ هَجْعَةً حَتَّى يُسْفِرَ الفَجْرُ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهَا تَقُوْلُ:

يَا نَفْسُ كَمْ تَنَامِيْنَ، وَإِلَى كَمْ تَقُوْمِيْنَ، يُوْشِكُ أَنْ تَنَامِي نَوْمَةً لاَ تَقُوْمِيْنَ مِنْهَا إِلاَّ لِيَوْمِ النُّشُورِ.

قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْتُ مَعَ الثَّوْرِيِّ عَلَى رَابِعَةَ، فَقَالَ سُفْيَانُ: وَاحُزْنَاهُ!

فَقَالَتْ: لاَ تَكْذِبْ، قُلْ: وَاقِلَّةَ حُزْنَاهُ!

وَعَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَسَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ عَلَى رَابِعَةَ، فَأَخَذَ سَلاَّمٌ فِي ذِكْرِ الدُّنْيَا، فَقَالَتْ:

إِنَّمَا يُذكَرُ شَيْءٌ هُوَ شَيْءٌ، أَمَّا شَيْءٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَلاَ.

شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ: حَدَّثَنَا رِيَاحٌ القَيْسِيُّ، قَالَ:

كُنْتُ اخْتَلَفتُ إِلَى شُمَيْطٍ أَنَا وَرَابِعَةُ، فَقَالَتْ مَرَّةً: تَعَالَ يَا غُلاَمُ.

وَأَخَذَتْ بِيَدِي، وَدَعَتِ اللهَ، فَإِذَا جَرَّةٌ خَضْرَاءُ مَمْلُوْءةٌ عَسَلاً أَبْيَضَ، فَقَالَتْ: كُلْ، فَهَذَا -وَاللهِ- لَمْ تَحْوِهِ بُطُوْنُ النَّحْلِ.

فَفَزِعتُ مِنْ ذَلِكَ، وَقُمنَا، وَتَرَكْنَاهُ.

قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ: أَمَّا رَابِعَةُ، فَقَدْ حَمَلَ النَّاسُ عَنْهَا حِكْمَةً كَثِيْرَةً، وَحَكَى عَنْهَا: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَغَيْرُهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلاَنِ مَا قِيْلَ عَنْهَا، وَقَدْ تَمَثَّلَتْهُ بِهَذَا: