للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٣ - عُتْبَةُ الغُلاَمُ بنُ أَبَانٍ البَصْرِيُّ *

الزَّاهِدُ، الخَاشِعُ، الخَائِفُ، عُتْبَةُ بنُ أَبَانٍ البَصْرِيُّ.

كَانَ يُشَبَّهُ فِي حُزْنِه بِالحَسَنِ البَصْرِيِّ.

قَالَ رِيَاحٌ القَيْسِيُّ: بَاتَ عِنْدِي، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِهِ: اللَّهُمَّ احْشُرْ عُتْبَةَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ، وَبُطُوْنِ السِّبَاعِ.

وَقَالَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ: جَاءنَا عُتْبَةُ الغُلاَمُ غَازِياً، وَقَالَ:

رَأَيتُ أَنِّي آتِي المَصِّيْصَةَ (١) فِي النَّوْمِ، وَأَغَزْو، فَأُسْتَشْهَدُ.

قَالَ: فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ فَرَسَهُ وَسِلاَحَه، وَقَالَ: إِنِّيْ عَلِيْلٌ، فَاغْزُ عَنِّي.

فَلَقَوُا الرُّوْمَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتُشْهِدَ.

قَالَ سَلَمَةُ الفَرَّاءُ: كَانَ عُتْبَةُ الغُلاَمُ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ البَصْرَةِ، يَصُوْمُ الدَّهْرَ، وَيَأْوِي السَّوَاحِلَ، وَالجَبَّانَةَ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ البَصْرِيُّ: كَانَ رَأْسُ مَالِ عُتْبَةَ فِلْساً، يَشْتَرِي بِهِ خُوصاً (٢) ، يَعْمَلُه وَيَبِيْعُه بِثَلاَثَةِ فُلُوسٍ، فَيَتَصَدَّقُ بِفِلْسٍ، وَيَتَعَشَّى بِفِلْسٍ، وَفِلْسٌ رَأْسُ مَالِه.

وَقِيْلَ: نَازَعتْهُ نَفْسُهُ لَحْماً، فَمَاطَلَهَا سَبْعَ سِنِيْنَ (٣) .

وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ يُعجِبُنِي رَجُلٌ أَلاَّ يَحتَرِفَ (٤) .


(*) مشاهير علماء الأمصار: ١٥٢، الفهرست: المقالة الخامسة الفن الخامس، حلية
الأولياء: ٦ / ٢٢٦ - ٢٣٨.
(١) المصيصة: بفتح الميم، وكسر الصاد الثقيلة، بعدها ياء ساكنة ثم صاد مفتوحة مدينة على شاطئ جيحان، من ثغور الشام، بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرطوس.
(انظر معجم البلدان) والصفحة: ٣٨٩، حاشية: ٣.
(٢) الخوص: ورق المقل والنخل والنارجيل وما شاكلها، واحدته خوصة.
(٣) انظر الخبر في " الحلية ": ٦ / ٢٣٠.
(٤) " الحلية ": ٦ / ٢٣١: " لا يعجبني رجل لا يكون في يده حرفة. فقلنا له: هوذا تجالسنا =