٣٢٧ - ابْنُ كِلِّسَ أَبُو الفَرَجِ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ البَغْدَادِيُّ *
وَزِيْرُ المُعزِّ وَالعَزيزِ، أَبُو الفَرَجِ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَارُوْنَ بنِ دَاوُدَ بنِ كِلِّسَ البَغْدَادِيُّ، الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ.
كَانَ دَاهِيَةً، مَاكراً، فَطِناً، سَائِساً، مِنْ رِجَالِ العَالَمِ.
سَافرَ إِلَى الرَّمْلَةِ، وَتَوكَّلَ للتُّجَارِ، فَانكسرَ عَلَيْهِ جُمْلَة، وَتعثَّرَ، فَهَرَبَ إِلَى مِصْرَ، وَجرتْ لَهُ أُمورٌ طَوِيْلَةٌ، فَرَأَى مِنْهُ صَاحبُ مِصْرَ كَافورُ الخَادِمُ فِطنَةً وَخِبرَةً بِالأُمورِ، وَطَمِعَ هُوَ فِي التَّرقِّي فَأَسْلَمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، ثُمَّ فَهِمَ مَقَاصِدَهُ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةَ، فَعَمِلَ عَلَيْهِ، فَفَرَّ مِنْهُ إِلَى المَغْرِبِ، وَتَوصَّلَ بِيَهُوْدَ كَانُوا فِي بَابِ المُعزِّ العُبَيْدِيِّ، فَنَفَقَ عَلَى المعزِّ وَكشفَ لَهُ أُموراً، وَحَسَّنَ لَهُ تَملُّكَ البِلاَدِ، ثُمَّ جَاءَ فِي صُحبَتِهِ إِلَى مِصْرَ، وَقَدْ عظُمَ أَمرُهُ.
وَلَمَّا وَلِيَ العَزيزُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ اسْتوزَرَهُ، فَاسْتمرَّ فِي رِفْعَةٍ وَتَمَكُّنٍ، إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَكَانَ عَالِيَ الهِمَّةِ، عَظِيمَ الهيبَةِ، حَسَنَ المدَارَاةِ.
مرضَ فَنَزَلَ إِلَيْهِ العَزيزُ يَعُودُهُ، وَقَالَ: يَا يعقوبَ، وَدِدْتُ أَنَّكَ تُبَاعُ فَأَشترِيكَ مِنَ المَوْتِ بِمُلكِي، فَهَلْ مِنْ حَاجَةٍ؟
فَبَكَى، وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَقَالَ: أَمَّا لِنَفْسِي فَلاَ، وَلَكِنْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِكَ، سَالِمِ الرُّوْمَ مَا سَالَمُوكَ، وَاقنَعْ مِنْ بَنِي حَمْدَانَ بِالدَّعْوَةِ وَالسّكَّةِ، وَلاَ تُبْقِ عَلَى المفرِّجِ بنِ دَغْفَلٍ مَتَى قَدَرْتَ.
ثُمَّ مَاتَ، فدَفَنَهُ العَزيزُ فِي القَصْرِ فِي قبَّةٍ أَنْشَأَهَا العَزيزُ لِنَفْسِهِ، وَأَلحدَهُ بِيَدِهِ،
(*) ابن عساكر، المنتظم: ٧ / ١٥٥ - ١٥٦، وفيات الأعيان: ٧ / ٢٧ - ٣٥، العبر: ٣ / ١٤، تاريخ الإسلام: ٤ الورقة ٣٦ / أ، مرآة الجنان: ٢ / ٢٥٠، البداية والنهاية: ١١ / ٣٠٨، المواعظ والاعتبار: ٢ / ٥ - ٨، النجوم الزاهرة: ٤ / ١٥٨، حسن المحاضرة: ٢ / ٢٠١ شذرات الذهب: ٣ / ٩٧، طبقات الاسنوي: ٢ / ٣٨٠، ٣٨١، وكلس: بكسر الكاف واللام المشددة، وبعدها سين مهملة. انظر " وفيات الأعيان ": ٧ / ٣٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute