ومما يزيد في قيمة هذا الكتاب النفيس، ويعلي مكانته بين الكتب أن الله سبحانه قد يسر ظهوره بهيئة علمية رائعة، وصفة بارعة نافعة تسر كل محب للتراث، حريص عليه.
وهذا المجهود العلمي الجليل في أعسر فن من فنون التاريخ وهو فن التراجم لم يتحقق عبثا، فقد هيأ الله جل جلاله لتحقيق هذا الكتاب ونشره عوامل النجح كلها، إذ يسر له ناشرا فاضلا هو الأستاذ رضوان دعبول الذي وجد نفسه بحق صاحب رسالة في نشر العلم النافع من عيون التراث العربي الإسلامي.
وقد وجدت الرجل يبذل ماله ويسخر كل قدراته لهذا الغرض النبيل، ويركب الصعب والذلول، فيقدم على مشروع أقل ما يقال فيه: إنه أعجز جامعة الدول العربية التي أرادت نشر هذا الكتاب منذ ثلاثين عاما ولم تخرج منه غير نزر يسير شوهه التصحيف والتحريف وأقل قيمته ونفعه كثرة السقط حتى انعدمت فائدته أو كادت، فضلا عن توقفها عن إتمامه، وعجزها فيه.
وحين أزمع هذا الفاضل على تحقيق " السير " وفر له سبل التوفيق والنجاح على أحسن موفر بأن ندب إلى الاشتغال فيه عددا من المحققين البارعين الكفاة، أجزل لهم العطاة، وحفظ حقوقهم كافة، وهيأ لهم مستلزمات التحقيق الدقيق: من نسخ موثقة، ومصادر مكدسة في متناول أيديهم، فضلا عن بذل المال الوافر في الطباعة الأنيقة الدقيقة والورق الفاخر، والصناعة المتقنة.
ثم توج عمله، وركب جدة من الأمر بأن ندب لمراجعة الكتاب والإشراف على تحقيقه، وإصلاح ما قد يطرأ عليه من الغلط عالما برع