للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

درن، ثُمَّ نَهَضَ مَعَهُ طَائِفَة، وَأَقْبَلَ وَتَمَكَّنَ، وَطَرَدَ نُوَّاب إِدْرِيْس، وَقَتَلَ مِنْهُم، وَتَوَثَّب بِالأَنْدَلُسِ ابْن هُوْدٍ الجُذَامِيُّ (١) ، وَدَعَا إِلَى بَنِي العَبَّاسِ، فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاس، فَهَرَبَ إِدْرِيْس، وَعبر إِلَى مَرَّاكُش، فَالتَقَى هُوَ وَيَحْيَى، فَهَزم يَحْيَى، فَفَر يَحْيَى إِلَى الجَبَلِ، وَكَانَتْ وِلاَيَة العَادل فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ.

وَفِي دَوْلَته كَانَتِ المَلْحَمَة عِنْد طليطلَة، فَاندكَّ فِيْهَا المُسْلِمُوْنَ، ثُمَّ فِي الآخَرِ خُنِقَ العَادل، وَنُهِبَ قَصْرُهُ بِمَرَّاكُش، وَتَمَلَّكَ يَحْيَى بن مُحَمَّد بنِ يَعْقُوْبَ، فَحَارَبَهُ عَمّه - كَمَا ذكرنَا - ثُمَّ قُتِلَ.

٢١٠ - صَاحِبُ المَغْرِبِ إِدْرِيْسُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ القَيْسِيُّ *

السُّلْطَانُ، الْملك المَأْمُوْنُ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ - كَمَا زَعَمَ - أَبُو العُلَى إِدْرِيْسُ ابْنُ السُّلْطَانِ المَنْصُوْرِ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عَلِيٍّ القَيْسِيُّ.

كَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، مَهِيْباً، دَاهِيَةً، فَقِيْهاً، عَلاَّمَةً، أُصُوْليّاً، نَاظماً، نَاثراً، وَافر الجَلاَلَة.

كَانَ بِالأَنْدَلُسِ مَعَ أَخِيْهِ العَادل عَبْد اللهِ، فَلَمَّا ثَارت الفِرَنْج عَلَيْهِ، تركَ الأَنْدَلُسَ العَادلُ، وَاسْتخلفَ عَلَى إِشْبِيْلِيَة إِدْرِيْس هَذَا، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْر طَوِيْلَة، ثُمَّ خُطِبَ لَهُ بِالخِلاَفَةِ بِالأَنْدَلُسِ، ثُمَّ عَدَّى وَغلبَ عَلَى مَرَّاكُش، وَانتزع المُلك مِنْ يَحْيَى بنِ مُحَمَّد ابْنِ عَمِّهِ، وَالتَقَوا غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ ضَعُف أَمر يَحْيَى، وَاسْتجَار بِقَوْمٍ فِي حصن مِنْ عَمل تِلِمْسَانَ، فَقُتِلَ غِيْلَةً، وَتَمَكَّنَ إِدْرِيْس، وَكَانَ جَبَّاراً، جَرِيئاً عَلَى الدِّمَاءِ، وَأَزَال ذِكْرَ ابْن تُوْمَرْت مِنَ الخُطْبَةِ.


(١) هو أبو عبد الله محمد بن يوسف، وهم أصحاب سرقسطة السابقون.
(*) المعجب للمراكشي: ٤١٦، وتاريخ الإسلام، الورقة: ٩٢ (أيا صوفيا ٣٠١٢) ، والعبر: ٥ / ١١٨، والحلل الموشية: ١٢٣، والاحاطة لابن الخطيب: ١ / ١٤٧، وشذرات الذهب: ٥ / ١٣٥، والاستقصا: ١ / ١٩٧.