للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَؤُلاَءِ المُتَعَاصِرِيْنَ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ تُؤْذِنُ بِذَكَائِهِ، وَكَثْرَةِ اطِّلاَعِهِ عَلَى المِلَلِ وَالنِّحَلِ.

وَمِنْهُمُ المُتَكَلِّمُ البَارِعُ:

١٧٦- أَبُو المُعْتَمِرِ مُعَمَّرُ بنُ عَمْرٍو *

وَقِيْلَ: ابْنُ عَبَّادٍ البَصْرِيُّ، السُّلَمِيُّ مَوْلاَهُمْ، العَطَّارُ، المُعْتَزِلِيُّ.

وَكَانَ يَقُوْلُ: فِي العَالَمِ أَشْيَاءُ مَوْجُوْدَةٌ لاَ نِهَايَةَ لَهَا، وَلاَ لَهَا عِنْدَ اللهِ عَدَدٌ وَلاَ مِقْدَارٌ.

فَهَذَا ضَلاَلٌ يَرُدُّه قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} [الجِنُّ: ٢٨] .

وَقَالَ: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرَّعْدُ: ٨] .

وَلِذَلِكَ قَامَتْ عَلَيْهِ المُعْتَزِلَةُ بِالبَصْرَةِ، فَفَرَّ إِلَى بَغْدَادَ، وَاخْتَفَى عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ السِّنْدِيِّ.

وَكَانَ يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ لَوْناً، وَلاَ طُوْلاً، وَلاَ عَرْضاً، وَلاَ عُمْقاً، وَلاَ رَائِحَةً، وَلاَ حُسْناً، وَلاَ قُبْحاً، وَلاَ سَمْعاً، وَلاَ بَصَراً، بَلْ ذَلِكَ فِعْلُ الأَجْسَامِ بِطِبَاعِهَا.

فَعُوْرِضَ بِقَولِهِ تَعَالَى: {خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ ... } [المُلْكُ: ٢] ، فَقَالَ: المُرَادُ خَلْقُ الإِمَاتَةِ وَالإِحيَاءِ.

وَقَالَ: النَّفْسُ لَيْسَتْ جِسْماً وَلاَ عَرَضاً، وَلاَ تُلاَصِقُ شَيْئاً، وَلاَ تُبَايِنُهُ، وَلاَ تَسْكُنُ.

وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّظَّامِ مُنَاظَرَاتٌ وَمُنَازَعَاتٌ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الكَلاَمِ.

وَهَلَكَ - فِيْمَا وَرَّخَهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ -: سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.

وَمِنْهُم:


(*) طبقات المعتزلة: ٥٤ - ٥٦، الفهرست لابن النديم: ٢٠٧.