النَّارَ لاَ حَرَّ فِيْهَا، وَلاَ فِي الثَّلْجِ بَرْدٌ، وَلاَ فِي العَسَلِ حَلاَوَةٌ، وَإِنَّمَا يُخْلَقُ ذَلِكَ عِنْدَ الذَّوْقِ وَاللَّمْسِ.
وَقَالَ المَرُّوْذِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
شَهِدْتُ عَلَى ضِرَارِ بنِ عَمْرٍو عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَهَرَبَ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: دَخَلْتُ عَلَى ضِرَارٍ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ مُشَوَّهاً، وَبِهِ فَالِجٌ، وَكَانَ مُعْتَزِلِيّاً، فَأَنْكَرَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَقَالَ: اخْتُلِفَ فِيْهِمَا: هَلْ خُلِقَتَا بَعْدُ أَمْ لاَ؟
فَوَثَبَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، وَضَرَبُوْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِنْكَارُ وُجُوْدِهُمَا كُفْرٌ، قَالَ تَعَالَى: {النَّارُ يُعْرَضُوْنَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً} [غَافِرٌ: ٤٦] .
قَالَ أَحْمَدُ: فَهَرَبَ.
قَالُوا: أَخْفَاهُ يَحْيَى بنُ خَالِدٍ حَتَّى مَاتَ.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى مَوْتِهِ فِي زَمَنِ الرَّشِيْدِ.
فَأَمَّا حِكَايَةُ جُنَيْدٍ، فَيَكُوْنُ حَكَاهَا عَنْ أَحْمَدَ.
وَأَيْضاً فَإِنَّ حَفْصاً الفَرْدَ الَّذِي كَفَّرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُنَاظَرَتِهِ مِنْ تَلاَمِذَةِ ضِرَارٍ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ ضِرَارٌ يُنْكِرُ عَذَابَ القَبْرِ.
وَقَالَ أَبُو هَمَّامٍ السَّكُوْنِيُّ: شَهِدَ قَوْمٌ عَلَى ضِرَارٍ بِأَنَّهُ زِنْدِيْقٌ، فَقَالَ سَعِيْدٌ: قَدْ أَبَحْتُ دَمَهُ، فَمَنْ شَاءَ، فَلْيَقْتُلْهُ.
قَالَ: فَعَزَلُوا سَعِيْداً مِنَ القَضَاءِ، فَمَرَّ شَرِيْكٌ القَاضِي، وَرَجُلٌ يُنَادِي: مَنْ أَصَابَ ضِرَاراً، فَلَهُ عَشْرَةُ آلاَفٍ.
فَقَالَ شَرِيْكٌ: السَّاعَةَ خَلَّفْتُهُ عِنْد يَحْيَى البَرْمَكِيِّ - أَرَادَ شَرِيْكٌ أَنْ يُعْلِمَ أَنَّهُم يُنَادُوْنَ عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهُم -.
قُلْتُ: لِمِثْلِ هَذَا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي دِيْنِ البَرَامِكَةِ، وضِرَارٌ أَكْبَرُ مِنْ