للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخيمة، فقال: "ما هذه الشاة يا أم معبد"؟ قالت: شاة خلفها الجد عن الغنم.

فقال: "هل بها من لبن"؟ قالت: هي أجهد من ذلك قال: "أتأذنين أن أحلبها"؟ قالت: نعم بأبي وأمي، إن رأيت بها حلبا فاحلبها. فدعا بها، فمسح بيده ضرعها، وسمى الله، ودعا لها في شاتها، فتفاجت عليه، ودرت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب ثجا حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت، ثم سقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم. ثم حلب ثانيا بعد بدء، حتى ملأ الإناء، ثم غادر عندها وبايعها، وارتحلوا عنها.

فقل ما لبثت، حتى جاء زوجها أبو معبد، يسوق أعنزا عجافا تساوكن هزلا مخهن قليل. فلما رأي أبو معبد اللبن عجب، وقال: من أين لك هذا يا أم معبد؟ والشاء عازب حيال، ولا حلوب في البيت؟ قالت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي، قالت: رجل ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق، فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربعة لا يائس من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال