للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَتِيْهُ وَيغضبُ إِذَا نَاظرَ.

قَالَ مرَّةً لفَقِيْهٍ: أَنْتَ جَاهلٌ بِالعِلْمِ، وَلذَلِكَ سوَّدَ اللهُ وَجهَكَ.

وَلَهُ كِتَابُ (الوزَارءِ) ، وَكِتَابُ (الكشفِ عَنْ مَسَاوِئِ شعرِ المُتَنَبِّي) ، وَكِتَابُ (الأَسمَاءِ الحُسْنَى) .

وَهُوَ القَائِلُ (١) :

رَقَّ الزُّجَاجُ وَرَقَّتِ الخَمْرُ ... وَتَشَابَهَا فَتَشَاكَلَ الأَمْرُ

فَكَأَنَّمَا خَمْرٌ وَلاَ قَدَحٌ ... وَكَأَنَّمَا قَدَحٌ وَلاَ خَمْرُ

قيل: جمعَ الصَّاحِبُ مِنَ الكُتُبِ مَا يحتَاجُ فِي نَقْلِهَا إِلَى أَرْبَعِ مائَةِ جَمَلٍ، وَلَمَّا عَزَمَ عَلَى التَّحْدِيْثِ تَابَ، وَاتَّخَذَ لِنَفْسِهِ بَيْتاً سَمَّاهُ بَيْتَ التَّوبَةِ، وَاعتكَفَّ عَلَى الخَيْرِ أُسبوعاً، وَأَخذَ خُطُوطَ جَمَاعَةٍ بصحَّةِ توبَتِهِ، ثُمَّ جَلَسَ للإِمْلاَءِ، وَحضرَهُ الخَلْقُ، وَكَانَ يتفقَّدُ عُلمَاءَ بَغْدَادَ فِي السَّنَةِ بخمسَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَأُدَبَاءهَا، وَكَانَ يُبْغِضُ مَنْ يَدخلُ فِي الفَلْسَفَةِ.

وَمَرِضَ بِالإِسهَالِ، فَكَانَ إِذَا قَامَ عَنِ الطِّسْتِ تَرَكَ إِلَى جَنْبِهِ عَشْرَةَ دَنَانِيْرَ للغُلاَمِ.

وَلَمَّا عُوفِيَ تَصَدَّقَ بخَمْسِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ.

وَقِيْلَ: إِنَّ صَاحِبَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ نُوْحَ بنَ مَنْصُوْرٍ كتبَ إِلَيْهِ يَسْتَدعِيهِ لِيُوَلِّيَهُ وَزَارتَهُ، فَاعتلَّ بَأَنَّهُ يحتَاجُ لِنَقْلِ كُتُبِهِ خَاصَّةً أَرْبَعَ مائَةِ جَمَلٍ، فَمَا الظَّنُّ بِمَا يليقُ بِهِ مِنَ التَّجَمُّلِ.

وَكَانَ قَدْ لُقِّبَ كَافِيَ الكُفَاةِ.

مَاتَ بِالرَّيِّ، وَنُقلَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَلَمَّا أُبرزَ تَابوتُهُ ضجَّ الخَلْقُ بِالبُكَاءِ.


(١) البيتان في أكثر مصادر ترجمته، انظر مثلا: " يتيمة الدهر ": ٣ / ٢٥٩، و" وفيات الأعيان ": ١ / ٢٣٠.