للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرِّحْلَةِ لاَزمَ بيتَهُ أَرْبَعينَ سَنَةً، لَمْ يُرَ فِي سُوقٍ وَلاَ رُؤِيَ مُفْطِراً إِلاَّ فِي عِيدٍ، وَكَانَ أَمَّاراً بِالمَعْرُوفِ، لَمْ يبلغْهُ خبرٌ منكرٌ إِلاَّ غَيَّرَهُ (١) .

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَخِي الحُسَيْنَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ قَدِ اختلفتْ عليَّ المذَاهبُ.

فَقَالَ: عَلَيْكَ بِابْنِ بَطَّةَ، فَأَصبحتُ وَلبستُ ثِيَابِي، ثُمَّ أَصعدتُ إِلَى عُكْبَرَا، فَدَخَلتُ وَابنُ بَطَّةَ فِي المَسْجَدِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لِي: صدقَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، صدقَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ العَتِيْقِيُّ: تُوُفِّيَ ابْنُ بَطَّةَ - وَكَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ - فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وثمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: وُلِدْتُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ لأَبِي بِبَغْدَادَ شُركَاء، فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: ابعَثْ بَابنِكَ إِلَى بَغْدَادَ ليسمعَ الحَدِيْثَ، قَالَ: هُوَ صغيرٌ، قَالَ: أَنَا أَحملُهُ مَعِي، فَحَمَلَنِي مَعَهُ، فجئتُ فَإِذَا ابْنُ مَنِيْعٍ يُقْرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْثُ.

فَقَالَ لِي بعضُهُمْ: سلِ الشَّيْخَ أَنْ يُخرِجَ إِليَكَ (مُعجَمَهُ) ، فسأَلتُ ابنَهُ، فَقَالَ: نُريدُ درَاهِمَ كَثِيْرَةً، فَقُلْتُ: لأُمِّي طَاقٌ ملحمٌ آخُذُهُ مِنْهَا وَأَبيعُهُ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأْنَا عَلَيْهِ (المعجَمَ) فِي نفرٍ خَاصٍّ فِي نَحْوِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَوَّلِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ، فَأَذكرُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الطَّالقَانِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَقَالَ المُسْتَمْلِي: خُذُوا هَذَا قَبْلَ أَنْ يُولدَ كُلُّ مُحَدِّثٍ عَلَى وَجهِ الأَرضِ اليَوْمَ، وَسَمِعْتُ المُسْتَمْلِي - وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مهرَانَ -، يَقُوْلُ لَهُ: مَنْ ذَكَرْتَ يَا ثَبْتَ الإِسلاَمِ.

قُلْتُ: لابنِ بَطَّةَ مَعَ فضلِهِ أَوهَامٌ وَغلطٌ.


(١) المصدر السابق.