عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، يقول: ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها، فغنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبت الله قدميه يوم القيامة، ولا يذكر عنده إلى ذلك ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون روادا، ولا يفترقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة يعني على الخير.
فسألته عن مخرجه، كيف كان يصنع فيه؟ قال: كان يخزن لسانه إلا مما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهيه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفلوا مخافة أن يغفلوا أو
يملوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده أحسنهم مواساة.
فسألته عن مجلسه كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، يعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه.
من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف. ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول قد وسع الناس منه بسطة وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق سواء. مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، ولا تنثي فلتاته، متعادلين يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون فيه