للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ حِيْنَئِذٍ سكرَانُ، فَحْمَلَ عَلَيْهِم وَكَانُوا قَدْ أَكمنُوا لَهُ، فَقتلُوهُ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (١) .

وَلَمَّا انْهَزَم البَرْبَرُ مَعَ القَاسِم بنِ حَمُّوْد مِنْ قُرْطُبَة، اتَّفَقَ رَأْيُ أَهلهَا عَلَى ردّ الأَمْرِ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، فَاخْتَارُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ (٢) بنَ هِشَامِ بن عَبْدِ الجَبَّارِ بن النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ أَخَا (٣) المَهْدِيّ (٤) ، فَبَايعُوهُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَلقّبوهُ بِالمُسْتَظْهر بِاللهِ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.

ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ نَسِيْبُه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي طَائِفَة مِنْ سَفِلَة العوَامِّ، فَقتلُوا المُسْتَظْهِرَ بَعْد شَهْرَيْنِ، وَكَانَ قَدْ وَزر لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم الظَاهِرِيُّ، فَأَثْنَى عَلَى المُسْتَظْهرِ، وَقَالَ: كَانَ فِي غَايَةِ الأَدب وَالبلاغَة وَالذَّكَاء - رَحِمَهُ اللهُ -.

وقَوِيَ أَمرُ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ النَّاصر الأُمَوِيّ، وَلقَّبوهُ بِالمستكفِي بِاللهِ (٥) ، فَبُوْيِع وَلَهُ ثَمَان وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً، فتملّك سِتَّةَ أَشهر، وَكَانَ أَحْمَقَ، قَلِيْلَ العَقْل، وَزرَ لَهُ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الحَائِك، ثُمَّ قُتل وَزيرُه، وَخُلعَ هُوَ، وَسجنوهُ ثَلاَثاً لَمْ يُطعمُوهُ فِيْهَا شَيْئاً، ثُمَّ نَفَوهُ المُعَثَّر، فَلَحِقَ بِالثُّغُوْر، وَأَضمرته البِلاَدُ.

وَقِيْلَ: بَلْ سُمَّ فِي دجَاجَةٍ، فَهَلَكَ، وَعَادَ أَمرُ النَّاسِ إِلَى المُعْتَلِي.

فَلَمَّا غَابَ المُعْتَلِي، أَجْمَعَ أَهْلُ قُرْطُبَة عَلَى رَدِّ الأَمْر إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَنهض


(١) " جذوة المقتبس " ٢٤، ٢٥، و" الكامل " لابن الأثير ٩ / ٢٧٨، ٢٧٩.
(٢) وهو المستظهر بالله، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (٢١٥) .
(٣) في الأصل: " أخو " وهو خطأ.
(٤) وهو محمد بن هشام بن عبد الجبار، تقدم الحديث عنه في ترجمة المؤيد بالله هشام رقم (٧٨) .
(٥) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (٢٥٨) .