للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَسَمَّى بِالمُسْتَعْلِي، ثُمَّ آمن ابْنَ بَقَنَّة، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَتَلَهُ، ثُمَّ قَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ يَحْيَى بنَ إِدْرِيْسَ بنِ عَلِيٍّ، وَرَجع نَجَا إِلَى سَبْتَة، ثُمَّ هَلَكَ حَسَنٌ المُسْتَعْلِي بَعْدَ سَنَتِيْن (١) .

فَجَازَ نَجَا لِيَمْلِكَ البِلاَدَ، فَقَتَلَتْهُ البَرْبَرُ، وَأَخرَجُوا مِنَ السِجْنِ إِدْرِيْس بن المُعْتَلِي، فَبَايعُوهُ، وَتلقب بِالعَالِي (٢) ، وَكَانَ ذَا رَأْفَةٍ وَرِقَةٍ، لَكِن كَانَ دَنِيءَ النَّفْسِ يُقَرِّبُ السَّفِلَ، وَلاَ يَحْجِبُ حرمه عَنْهُم، وَلَهُ تَدْبِيرٌ سيِّئ (٣) .

ثُمَّ إِنَّ البَرْبَر مَقَتُوهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ حَمُّوْد الإِدْرِيْسِيّ الكَائِنِ بِالجَزِيْرَةِ الخَضْرَاء، فَبَايعُوهُ وَلَقَّبُوهُ بِالمَهْدِيِّ، وَصَارَ الأَمْرُ فِي غَايَة الأُخْلُوقَة، اجْتمع فِي الوَقْتِ أَرْبَعَةٌ يُدْعَون بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي رُقْعَةٍ مِنَ الأَنْدَلُس، مِقدَارُ مَا بينهُم ثَلاَثُوْنَ فَرْسَخاً فِي مِثلِهَا، ثُمَّ افترقُوا عَنْ مُحَمَّدٍ بَعْد أَيَّامٍ، وَرُدَّ خَاسئاً، فَمَاتَ غَمّاً بَعْد أَيَّام، وَخلَّفَ ثَمَانِيَةَ أَولاَدٍ (٤) .

فَتَولَّى أَمرَ الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاء بَعْدَهُ وَلَدُهُ؛ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الإِدْرِيْسِيّ (٥) .

وولِي مَالَقَة مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ المُعْتَلِي، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَعُزِلَ أَبُوْهُ هَذِهِ المُدَّة، ثُمَّ ردُّوهُ بَعْد وَلده إِلَى إِمرَة مَالَقَة، فَهُوَ آخرُ مَنْ مَلَكهَا مِنَ الإِدريسيين (٦) ، فَلَمَّا مَاتَ اجْتَمَعَ رَأْيُ


(١) " جذوة المقتبس " ٣٢، ٣٣، و" الكامل " ٩ / ٢٨٠، ٢٨١، و" نفح الطيب " ١ / ٤٣٢ وفيها أن الحسن بن علي لقب بالمستنصر بالله، لا بالمستعلي كما ذكر المؤلف.
(٢) انظر تفصيل ما حدث قبل إخراجه من السجن ومبايعته بالخلافة في " جذوة المقتبس " ٣٢، ٣٣، و" الكامل " ٩ / ٢٨١، وسيورد المؤلف ترجمته في هذا الجزء برقم (٤٤٦) .
(٣) انظر " جذوة المقتبس " ٣٣، ٣٤، و" الكامل " ٩ / ٢٨١.
(٤) " جذوة المقتبس " ٣٤، ٣٥، و" الكامل " ٩ / ٢٨٢.
(٥) " جذوة المقتبس " ٣٦، و" نفح الطيب " ١ / ٤٣٥.
(٦) " جذوة المقتبس " ٣٦، و" الكامل " ٩ / ٢٨٢.