للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: وَكَانَ فَاضِلاً ضَابطاً، شدِيداً فِي السُّنَّة (١) .

وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ: كَانَ سيفاً مُجَرَّداً عَلَى أَهْلِ الأَهوَاء وَالبِدَع، قَامعاً لَهُم، غَيُوراً عَلَى الشَّريعَةِ، شَدِيداً فِي ذَات الله، أَقرأَ النَّاسَ مُحتَسِباً، وَأَسمع الحَدِيْث، وَالتزم للإِمَامَة بِمَسْجِد مُنْعَة (٢) ، ثُمَّ خَرَجَ، وَتحوَّل فِي الثَّغْرِ وَانْتَفَعَ النَّاسُ بعِلمه، وَقصد بَلَدَهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَتُوُفِّيَ بِهَا.

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عِيْسَى بن مُحَمَّدِ بنِ بَقِيّ الحِجَازِيُّ، عَنْ أَبِيهِ،

قَالَ:

خَرَجَ أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَقْرَأُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ البَارِحَةَ فِي مَنَامِي مَنْ يُنشِدُنِي:

اغْتَنِمُوا البِرَّ بشَيْخٍ ثَوَى ... تَرْحَمُهُ (٣) السُّوْقَةُ وَالصِّيْدُ

قَدْ خَتَمَ العُمْرَ بعيدٍ مَضَى ... لَيْسَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ عِيْدُ

فَتُوُفِّيَ فِي ذَلِكَ العَام فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (٤) .

قُلْتُ: عَاشَ تِسْعِيْنَ عَاماً سِوَى أَشهر، وَقَدِ امتُحن لفَرط إِنكَارِه، وَقَامَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَضدَادِه، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حرورِيٌّ يرَى وضعَ السَّيْفِ فِي صَالحِي المُسْلِمِيْنَ، وَكَانَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقِيْهاً، فنصرهُ قَاضِي سَرَقُسْطَة؛ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَشهد عَلَى نَفْسه بِإِسقَاط الشُّهُود، وَهُوَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قرنُوْنَ (٥) .


(١) انظر " ترتيب المدارك " ٤ / ٧٥٠، و" معرفة القراء الكبار " ١ / ٣١٠.
(٢) تصحف في " الصلة " إلى " متعة " بالمثناة الفوقية.
(٣) في " الديباج المذهب " ١ / ١٨٠: " يفقده ".
(٤) " الصلة " ١ / ٤٥.
(٥) انظر " تذكرة الحفاظ " ٣ / ١٠٩٩، ١١٠٠.