للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى قَاعِدَة الأَعرَاب، وَلَمَّا عَبَرَ السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ بنُ سُبُكْتِكِين إِلَى بلاَد مَا وَرَاء النَّهْر وَجَدَ رَأْسَ السَّلْجُوْقيَّة قويَّ الشوكَة، فَاسْتمَاله، وَخَدَعَهُ، حَتَّى جَاءَ إِلَيْهِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَاسْتشَار الأُمَرَاءَ، فَأَشَارَ بَعْضُهُم بتغرِيق كِبَارهُم، وأَشَارَ آخرُوْنَ بِقطع إِبهَامَاتهم لِيَبْطُلَ رَمْيُهُم، ثُمَّ اتَّفَقَ الرَّأْيُ عَلَى تَفرِيقهم فِي النَّوَاحِي، وَوَضَعَ الخَرَاج عَلَيْهِم، فَتَهَذَّبُوا، وَذَلُّوا، فَانْفصل مِنْهُم أَلْفاً خَركَاهُ (١) ، وَمضُوا إِلَى كَرْمَان (٢) ، وَمَلِكُهَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ (٣) بَهَاء الدَّوْلَة بن عَضُدِ الدَّوْلَةِ بن بُوَيه، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِم، وَلَمْ يَلبَثْ أَن مَاتَ بَعْدَ الأَرْبَع مائَة (٤) ، فَقصدُوا أَصْبَهَان، وَنَزَلُوا بِظَاهِرهَا، وَكَانَ صَاحِبُهَا علاَء الدَّوْلَة (٥) بن كَاكويه، فَرغب فِي اسْتِخْدَامهُم، فَكَتَبَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ يَأْمرهُ بِحَرْبِهِمْ، فَوَقَعَ بَيْنهُم مَصَافّ (٦) ، ثُمَّ ترحلُوا إِلَى أَذْرَبِيْجَان، وَانحَاز أَخوَانُهُم الَّذِيْنَ بِخُرَاسَانَ إِلَى خُوَارَزْم وَجبالهَا، فَجَهَّزَ السُّلْطَانُ جَيْشاً ضَايقوهُم نَحْو سنتَيْن، ثُمَّ قصدهُم مَحْمُوْدُ بِنَفْسِهِ، وَمَزَّقَهُم، وَشتَّتهُم، فَمَاتَ وَتَسَلْطَن ابْنُهُ مَسْعُوْد (٧) ، فَتَأَلَّف الَّذِيْنَ نَزلُوا بِأَذْرَبِيْجَان، فَأَتَاهُ أَلفُ فَارِس، فَاسْتَخدمهُم، ثُمَّ لاَطف الآخرِيْنَ، فَأَجَابُوا إِلَى طَاعته، ثُمَّ اشْتَغَل بِحَرب الهِنْد، فَإِنَّهُم


(١) كلمة فارسية معناها الخيمة الكبيرة.
وفي " وفيات الأعيان ": فانفصل منهم ألفا بيت.
(٢) قال ياقوت: بفتح فسكون، وربما كسرت، والفتح أشهر بالصحة، وهي ولاية مشهورة ذات بلاد وقرى ومدن واسعة بين فارس ومكران وسجستان وخراسان ... إلى أن قال: وكرمان أيضا: مدينة بين غزنة وبلاد الهند، وهي من أعمال غزنة.
(٣) في الأصل: ابنه وهو خطأ، والمقصود أبو الفوارس بن بهاء الدولة كما في " وفيات الأعيان " ٥ / ٦٤.
وانظر ترجمته في " الكامل " ٩ / ٢٩٣ و٣٢٠ و٣٣٧ - ٣٣٩ و٣٤٦ و٣٦٠، ٣٦٨ وأبوه بهاء الدولة مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (١٠٦) .
(٤) مات سنة تسع عشره وأربع مئة كما في " الكامل " ٩ / ٣٦٨.
(٥) هو أبو جعفر بن دشمنزيار المتوفى سنة (٤٣٣) ، انظر أخباره في " الكامل " ٩ / ٢٠٧ و٣٨١ - ٣٨٣ و٤٢٤ - ٤٢٨ و٤٩٥ وغيرها.
(٦) انظر " الكامل " ٩ / ٣٧٧، ٣٧٨ و٤٧٣ - ٤٧٦.
(٧) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (٣٢٠) .