للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ المُؤَيَّد فِي (تَارِيْخِهِ (١)) أَن فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ بَعَثَ ملكُ الرُّوْم إِلَى طُغْرُلْبَك هدَايَا وَتحفاً، وَالتمس الهدنَةَ، فَأَجَابَهُ، وَعَمَّرَ مَسْجِد القُسْطَنْطِيْنِيَّة (٢) ، وَأَقَامَ فِيْهَا الخطبَة لطُغْرُلْبَك، وَتَمَكَّنَ مُلْكُه.

وَحَاصَرَ بِأَصْبَهَانَ صَاحِبهَا ابْنَ كَاكويه أَحَدَ عَشَرَ شَهراً، ثُمَّ أَخَذَهَا بِالأَمَان، وَأَعْجَبته، وَنَقَلَ خَزَائِنَه مِنَ الرَّيّ إِلَيْهَا (٣) .

وَلَمَّا تَمَهَّدَتِ البِلاَدُ لِطُغْرلْبَك خَطَبَ بِنْت الخَلِيْفَة القَائِم، فَتَأَلَّمَ القَائِمُ، وَاسْتعفَى فَلَمْ يُعْفَ، فَزَوَّجَهُ بِهَا (٤) ، ثُمَّ قَدِمَ طُغْرُلْبَك بَغْدَاد لِلعُرس.

وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ عَظِيْمَة عَلَى القَائِم فِي إِعَادَةِ الخِلاَفَة إِلَيْهِ، وَقَطعِ خُطبَة المِصْرِيّين الَّتِي أَقَامَهَا البَسَاسيرِي (٥) .

ثُمَّ نَفَّذَ طُغْرُلْبَك مائَة أَلْف دِيْنَار برسم نَقل الجهَاز، فَعُمِلَ العرسُ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَأُجْلِسَتْ عَلَى سرِيرٍ مُذَهَّب، وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى بَيْنَ يَديهَا، فَقبَّل الأَرْضَ، وَلَمْ يَكشف المِنْدِيل عَنْ وَجههَا، وَقَدَّمَ تُحَفاً سنِيَّة، وَخدم وَانْصَرَفَ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا عِقْدَيْن مَجوْهَرِيْنَ، وَقطعَة يَاقُوْت عَظِيْمَة، ثُمَّ دَخَلَ مِنَ الغَدِ، فَقبَّلَ الأَرْضَ، وَجَلَسَ عَلَى سرِيرٍ إِلَى جَانبهَا


(١) " المختصر " ٢ / ١٦٩.
(٢) في " الكامل ": وعمر ملك الروم الجامع الذي بناه مسلمة بن عبد الملك بالقسطنطينية ...
(٣) انظر " الكامل " ٩ / ٥٣٤ و٥٦٢ - ٥٦٣، و" المختصر " ٢ / ١٧٠، وابن كاكويه هنا هو أبو منصور بن علاء الدولة بن كاكويه.
(٤) انظر " الكامل " ١٠ / ٢٠ - ٢١.
(٥) انظر تفصيل ذلك في " الكامل " ٩ / ٦٤٠ - ٦٥٠، و" المختصر " ٢ / ١٧٧ - ١٧٩.