للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَسَنَ السِّيْرَةِ، زَاهِداً، مُتَعَبِّداً، خَشِنَ الْعَيْش، منفرداً، قَانِعاً، يُقرِئ وَيُسمِعُ فِي أَكْثَر أَوقَاتِهِ، وَكَانَ يُسَافر وَحْدَه، وَيدخل البَرَارِي (١) .

قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ: أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا خَلِيْلُ بنُ بَدْرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق قَالَ:

وَردَ عَلَيْنَا الإِمَامُ الأَوحدُ أَبُو الفَضْلِ الرَّازِيّ - لَقَّاهُ اللهُ رضوَانه، وَأَسكنه جنَانَه - وَكَانَ إِمَاماً مِنَ الأَئِمَّةِ الثِّقَات فِي الحَدِيْثِ وَالروَايَات وَالسّنَة وَالآيَات، ذِكْرُهُ يَملأُ الْفَم، وَيَذْرِفُ الْعين، قَدِمَ أَصْبَهَان مرَاراً، سَمِعْتُ مِنْهُ قطعَةً صَالِحَةً، وَكَانَ رَجُلاً مَهِيْباً، مديدَ القَامَة، وَلياً مِنْ أَوْلِيَاء الله، صَاحِبَ كَرَامَات، طَوَّفَ الدُّنْيَا مُفِيداً وَمُسْتفِيداً (٢) .

وَقَالَ الخلاَّل: كَانَ أَبُو الفَضْلِ فِي طَرِيْق، وَمَعَهُ خُبْز وَفَانِيذ (٣) ، فَأَرَادَ قُطَّاعَ الطَّرِيْق أَخَذَه مِنْهُ، فَدَفَعهم بعَصَاهُ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: لأَنَّه كَانَ حَلاَلاً، وَرُبَّمَا كُنْت لاَ أَجِدُ مِثْله (٤) .

وَدَخَلَ كَرْمَان فِي هَيئَةٍ رَثَّةٍ وَعَلَيْهِ أَخلاَقٌ وَأَسمَال، فَحُمِلَ إِلَى الْملك، وَقَالُوا: جَاسوس.

فَقَالَ المَلِكُ: مَا الخَبَر؟

قَالَ: تسَأَلُنِي عَنْ خَبَرِ الأَرْضِ أَوْ خَبَر السَّمَاء؟ فَإِنْ كُنْتَ تسَأَلُنِي عَنْ خَبَر السَّمَاء ف* ـ {كُلُّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرَّحْمَن:٢٩] وَإِنْ كُنْتَ تسَأَلُنِي عَنْ خَبَر الأَرْض فـ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرَّحْمَن:٢٦] فَتَعَجَّبَ المَلِكُ مِنْ كَلاَمِهِ، وَأَكْرَمَهُ، وَعرض عَلَيْهِ مَالاً، فَلَمْ يَقبله (٥) .


(١) انظر " معرفة القراء الكبار " ١ / ٣٣٦.
(٢) " معرفة القراء الكبار " ١ / ٣٣٧.
(٣) نوع من الحلواء يعمل بالنشاء معرب بانيذ، وقد تصحفت في " معرفة القراء الكبار " إلى: القانيد.
(٤) " معرفة القراء الكبار " ١ / ٣٣٧.
(٥) " معرفة القراء الكبار " ١ / ٣٣٨.