للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقصونه عَنْ قُربهم، وَيُسَيِّرُوْنَهُ عَنْ بلادِهِم إِلَى أَنِ انْتَهوا بِهِ مُنْقَطع أَثرِه: بَلْدَة (١) مِنْ بَادِيَة لَبْلَة.

وَهُوَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُرتدِع وَلاَ رَاجع، يَبُثُّ علمه فِيْمَنْ يَنْتَابه مِنْ بَادِيَة بلدِهِ، مِنْ عَامَّة المُقتبسينَ مِنْ أَصَاغِرِ الطَّلبَة، الَّذِيْنَ لاَ يَخشُوْنَ فِيْهِ المَلاَمَة، يُحَدِّثهُم، وَيُفَقِّههُم، وَيُدَارسهُم، حَتَّى كَمَلَ مِنْ (٢) مُصَنّفَاته وَقْرُ بعير، لَمْ يَعْدُ أَكْثَرُهَا بَادِيَتَه لزُهْد الفُقَهَاء فِيْهَا، حَتَّى لأُحْرِقَ بَعْضُهَا بِإِشبيلية، وَمُزِّقَتْ عَلاَنِيَةً، وَأَكْثَرُ معَايبه (٣) - زَعَمُوا عِنْد المنصَف - جَهلُه بسيَاسَة العِلْم الَّتِي هِيَ أَعوصُ (٤) ... ، وَتَخلُّفه عَنْ ذَلِكَ عَلَى قوَةِ سَبْحه فِي غِمَاره (٥) ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ بِالسَّلِيم مِنِ اضطرَاب رَأيه، وَمغِيبِ شَاهد علمه عَنْهُ عِنْد لقَائِهِ، إِلَى أَنْ يُحَرَّكَ بِالسُّؤَال، فِيتفجَّر مِنْهُ بحرُ عِلْمٍ لاَ تُكَدِّرُهُ الدّلاَء، وَكَانَ مِمَّا يَزِيْدُ فِي شَنَآنه (٦) تَشيُّعه لأُمَرَاء بَنِي أُمَيَّةَ مَاضِيهم وَبَاقيهِم، وَاعْتِقَادُهُ لِصِحَّةِ إِمَامتهِم، حَتَّى لنُسب إِلَى النَّصْبِ (٧) .

قُلْتُ: وَمِنْ تَوَالِيفه: كِتَاب (تَبديل اليَهُوْد وَالنَّصَارَى لِلتَّورَاة وَالإِنجيل (٨)) ، وَقَدْ أَخَذَ الْمنطق - أَبعدَهُ الله مِنْ عِلمٍ - عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المَذْحِجِيّ، وَأَمعَنَ فِيْهِ، فَزلزله فِي أَشيَاء، وَلِي أَنَا مَيْلٌ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ


(١) في " الذخيرة " و" معجم الأدباء ": بترية بلده.
وفي " تذكرة الحفاظ ": وهي بلدة.
(٢) في الأصل: كل بدل كمل، وهو خطأ، والتصويب من " الذخيرة " ١ / ١ / ١٦٩، و" معجم الأدباء " ١٢ / ٢٤٩.
(٣) تحرفت في الأصل إلى معاتبه.
(٤) كذا في الأصل غير واضحة، وفي " الذخيرة ": أعرض من إيعابه.
وفي " معجم الأدباء ": أعوص من إتقانه، وفي " تذكرة الحفاظ ": أعوص إيعابه.
(٥) تحرفت في " معجم الأدباء " ١٢ / ٢٤٩ إلى: شيخه عمارة.
(٦) في الأصل: " شأنه " والمثبت من " تذكرة الحفاظ " و" الذخيرة " و" معجم الأدباء ".
(٧) انظر " الذخيرة " ١ / ١ / ١٦٨ - ١٦٩، و" معجم الأدباء " ١٢ / ٢٤٧ - ٢٤٩، و" تذكرة الحفاظ " ٣ / ١١٥١ - ١١٥٢.
والنصب هو: بغض علي رضي الله عنه، وموالاة معاوية.
(٨) هو ضمن كتابه " الفصل " ١ / ١١٦ و٢ / ٩١.