للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَجَالِس، فَكَانَ المَجْلِسُ الثَّالِث مِنْ أَوّل النَّهَار وَإِلَى اللَّيْل، فَفَرغ طُلُوْعَ الفَجْر.

قُلْتُ: هَذِهِ - وَاللهِ - القِرَاءةُ الَّتِي لَمْ يُسْمَعْ قَطُّ بِأَسرعَ مِنْهَا.

وَفِي (تَارِيخ) مُحَمَّد بن عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ: تُوُفِّيَ الخَطِيْب فِي كَذَا، وَمَاتَ هَذَا العِلْم بِوَفَاته.

وَقَدْ كَانَ رَئِيْسُ الرُّؤَسَاء تَقَدَّمَ إِلَى الخُطَبَاء وَالوعَّاظ أَنْ لاَ يَروُوا حَدِيْثاً حَتَّى يَعرضوهُ عَلَيْهِ، فَمَا صَحَّحَهُ أَوْرَدُوْهُ، وَمَا رَدَّهُ لَمْ يذكروهُ (١) .

وَأَظهر بَعْضُ اليَهُوْد كِتَاباً ادَّعَى أَنَّهُ كِتَابُ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسقَاطِ الجِزْيَة عَنْ أَهْل خَيْبَر، وَفِيْهِ شهَادَةُ الصَّحَابَة، وَذكرُوا أَنَّ خطَّ عليّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فِيْهِ.

وَحُمِلَ الكِتَابُ إِلَى رَئِيْس الرُّؤَسَاء، فَعَرضَه عَلَى الخَطِيْب، فَتَأَمَّلَه وَقَالَ: هَذَا مُزوَّر، قِيْلَ: مِنْ أَيْنَ قُلْت؟

قَالَ: فِيْهِ شهَادَةُ مُعَاوِيَة وَهُوَ أَسْلَم عَام الفَتْحِ، وَفُتحت خيبرُ سَنَة سَبْعٍ، وَفِيْهِ شهَادَةُ سَعْدِ بن مُعَاذٍ وَمَاتَ يَوْمَ بنِي قُرِيظَة (٢) قَبْل خَيْبَر بِسنتين.

فَاسْتحسن ذَلِكَ مِنْهُ (٣) .

قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ أَيُّوْبَ بِمَرْو يَقُوْلُ: حضَر الخَطِيْبُ درس شَيْخنَا أَبِي إِسْحَاقَ، فَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ حَدِيْثاً مِنْ رِوَايَةِ بَحْر بن كَنِيْزٍ (٤) السقَّاء، ثُمَّ قَالَ لِلْخطيب: مَا تَقُوْلُ فِيْهِ؟ فَقَالَ: إِنْ أَذِنْتَ لِي ذكرتُ حَاله.


(١) انظر " تذكرة الحفاظ " ٣ / ١١٤١، و" الوافي " ٧ / ١٩٣، و" معجم الأدباء " ٤ / ١٩.
(٢) في " المنتظم " و" معجم الأدباء ": وكان قد مات يوم الخندق، والصواب ما أثبته المؤلف، فسعد بن معاذ كان قد أصيب بسهم في أكحله يوم الخندق، وحمل منها جريحا، ثم حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة، وبعدها توفي.
(٣) انظر " تذكرة الحفاظ " ٣ / ١١٤١، و" المنتظم " ٨ / ٢٦٥، و" معجم الأدباء " ٤ / ١٨، و" الوافي " ٧ / ١٩٢ - ١٩٣، و" المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": ٦٠.
(٤) كنيز: بفتح الكاف وكسر النون وفي آخرها زاي معجمة، كما في " الإكمال " ٧ / ١٦٢، و" تبصير المنتبه " ٣ / ١١٨٨، وقد صحفها محقق " المستفاد " إلى " كثير " مع إشارته في الحاشية إلى أن الأصل كنيز.