للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ أَمِيْرُ البَلَد رَافِضِيّاً مُتَعَصِّباً، فَبلغته القِصَّةُ، فَجَعَلَ ذَلِكَ سَبَباً إِلَى الفتكِ بِهِ، فَأَمر صَاحِبَ شُرطته أَنْ يَأْخذ الخَطِيْبَ بِاللَّيْلِ، فِيقتُلَهُ، وَكَانَ صَاحِبُ الشُّرطَة سُنِّياً، فَقصدهُ تِلْكَ اللَّيْلَة فِي جَمَاعَةٍ، وَلَمْ يُمكنه أَنْ يُخَالِف الأَمِيْر، فَأَخَذَهُ، وَقَالَ: قَدْ أُمِرْتُ فِيك بكَذَا وَكَذَا، وَلاَ أَجِدُ لَكَ حِيْلَةً إِلاَّ أَنِّي أَعبرُ بِك عِنْد دَار الشَّرِيْف ابْنِ أَبِي الجِنّ (١) ، فَإِذَا حَاذيتُ الدَّار، اقفِزْ وَادْخُل، فَإِنِّي لاَ أَطلُبكَ، وَأَرْجعُ إِلَى الأَمِيْر، فَأَخْبِرُهُ بِالقِصَّة.

فَفَعَل ذَلِكَ، وَدَخَلَ دَار الشَّرِيْف، فَأَرْسَل الأَمِيْرُ إِلَى الشَّرِيْف أَنْ يَبْعَثَ بِهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْر! أَنْتَ تَعرف اعْتِقَادِي فِيْهِ وَفِي أَمثَاله، وَلَيْسَ فِي قَتْلِهِ مصلحَة، هَذَا مَشْهُوْرٌ بِالعِرَاقِ، إِن قَتَلْتَه، قُتِلَ بِهِ جَمَاعَة مِنَ الشِّيْعَة، وَخُرِّبَتِ المَشَاهِد.

قَالَ: فَمَا تَرَى؟

قَالَ: أَرَى أَنْ يَنْزَحَ مِنْ بَلَدك.

فَأَمر بِإِخرَاجه، فَرَاح إِلَى صُوْر، وَبَقِيَ بِهَا مُدَّة (٢) .

قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: سَعَى بِالخَطِيْب حُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الدَّمَنْشِي (٣) إِلَى أَمِيْر الجُيُوْش، فَقَالَ: هُوَ نَاصبِيُّ يَرْوِي فَضَائِل الصَّحَابَة وَفضَائِل العَبَّاس فِي الجَامِع.

وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِر عَمَّنْ ذَكَرَهُ أَنَّ الخَطِيْب وَقَعَ إِلَيْهِ جُزءٌ فِيْهِ سَمَاعُ القَائِم بِأَمْرِ اللهِ، فَأَخَذَهُ، وَقصد دَارَ الخِلاَفَة، وَطلب الإِذن، فِي قِرَاءته.

فَقَالَ


(١) هو الشريف حيدرة بن إبراهيم أبو طاهر ابن أبي الجن العلوي المتوفى سنة ٤٦٢ هـ، مترجم في " النجوم الزاهرة " ٥ / ٨٥، وقد تحرف في " تذكرة الحفاظ " و" معجم الأدباء " و" الوافي بالوفيات " إلى ابن أبي الحسن.
وهو خطأ.
(٢) الخبر في " تذكرة الحفاظ " ٣ / ١١٤١ - ١١٤٢، و" معجم الأدباء " ٤ / ٣٤ - ٣٥، و" الوافي " ٧ / ١٩٥، وفيهما: وبقي بها مدة إلى أن مات.
(٣) الدمنشي: نسبة إلى دمنش، قال ياقوت: كذا وجدت صورة ما ينسب إليه الحسين بن علي أبو علي المقرئ، المعروف بابن الدمنشي، ذكره الحافظ أبو القاسم في " تاريخ دمشق ": وقال ... وساق هذا الخبر.
انظر " معجم البلدان " ٢ / ٤٧١، و" تذكرة الحفاظ " ٣ / ١١٤٢.