العبارة المناسبة للتعبير عما يريد بدقة وأمانة، ويصف المترجم بالعبارة التي تزنه جرحا أو تعديلا، فهو أسلوب علمي قبل كل شيء.
ومن الواضح لكل ذي بصيرة أنه لا يمكن وصف المترجمين بشكل متقن عند اتباع أسلوب الصنعة البلاغية الذي يتجلى فيه العناية بالأسلوب على حساب دقة المعاني ودلالات الألفاظ.
وقد عرفنا من سيرة الذهبي ومكانته العلمية أنه قد حصل طرفا صالحا من العربية في نحوها وصرفها وآدابها، كما أنه عني عناية كبيرة في مطلع حياته بالقراءات التي تقوم في أساسها على علم تام بالعربية، وقد تعاطى الشعر، فنظم اليسير منه، وأورد من شعر غيره جملة كبيرة في هذا الكتاب وغيره من كتبه.
لكل ذلك أصبحت لغته قوية جدا بحيث يصعب أن نجد في كتابه لحنا أو غلطا لغويا، أو استعمالا عاميا، فإذا كان النادر من ذلك، فإنه من سهو القلم، أو الذهول، أو بعض ما يغلط فيه الخواص، وليس ذاك بشيء.
وقد أدت دراساته لعدد ضخم من المؤلفات التاريخية والأدبية والحديثية واشتهاره بقوة الحافظة إلى وقوفه على أساليب عدد كبير من الكتاب والمؤلفين على مدى عصور طويلة تنوعت أساليب الكتابة فيها، فأكسبه كل ذلك خبرة أدبية قوية، وملكة جيدة على التعبير.
إن معرفة اللغة العربية معرفة جيدة والتمتع بالأسلوب الرصين من العوامل المهمة التي تخرج ترجمة جيدة ينتفع بها، والقول بأن المعني بعلم التراجم لا يحتاج كل هذه المعرفة قول فاسد، وقد أشار شيخ الذهبي ورفيقه الحافظ أبو الحجاج المزي في نهاية تقديمه لكتابه العظيم " تهذيب الكمال " إلى هذه الضرورة فقال: " وينبغي للناظر في كتابنا هذا أن يكون قد حصل طرفا صالحا