للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْده: كَانَ عمِي سَيْفاً عَلَى أَهْلِ البِدَع، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُثنِي عَلَيْهِ مِثْلِي، كَانَ - وَاللهِ - آمراً بِالمَعْرُوف، نَاهياً عَنِ المُنْكَر، كَثِيْرَ الذّكر، قَاهِراً لِنَفْسِهِ، عَظِيْمَ الحِلم، كَثِيْرَ العِلْمِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ قَوْلَ شُعْبَة: مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيْثاً فَأَنَا لَهُ عَبْد.

فَقَالَ عمِي: مَنْ كَتَب عَنِّي حَدِيْثاً فَأَنَا لَهُ عَبْد (١) .

وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَفطرنَا فِي رَمَضَانَ لَيْلَةً شَدِيْدَةَ الحرّ، فَكنَا نَأْكل وَنشربُ، وَكَانَ أَخِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَأْكُل وَلاَ يَشربُ، فَخَرَجت وَقُلْتُ: إِنَّ (٢) مِنْ عَادَة أَخِي أَنَّهُ يأْكُلُ لَيْلَةً وَلاَ يَشربُ، وَيَشربُ لَيْلَة (٣) أُخْرَى وَلاَ يَأْكُل.

قَالَ: فَمَا شَرِبَ تِلْكَ اللَّيْلَة، وَفِي اللَّيْلَة الآتيَة كَانَ يَشربُ وَلاَ يَأْكُلُ أَلبتَة، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة قَالَ: يَا أَخِي! لاَ تلعب بَعْدَ هَذَا، فَإِنِّي مَا اشتهيتُ أَنْ أُكَذِّبَكَ.

قَالَ الدَّقَّاق فِي (رسَالته) :أَوّل مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ الشَّيْخ الإِمَام السَّيِّد السَدِيْد الأَوْحَد أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَرزقنِي الله بِبركته وَحُسن نِيته، وَجمِيْل سيرَته فَهمَ الحَدِيْث.

وَكَانَ جِذْعاً فِي أَعْيَن المخَالفِيْن، لاَ تَأخَذَهُ فِي الله لُوْمَة لاَئِم، وَوَصْفُه أَكْثَر مِنْ أَنْ يُحصَى (٤) .

وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ سَعْد الزَّنْجَانِي بِمَكَّةَ يَقُوْلُ: حفظَ الله الإِسْلاَم بِرَجُلين: أَبِي إِسْمَاعِيْل الأَنْصَارِيّ (٥) ،


= ابن رجب فيه أن بأصبهان طائفة ينتسبون إلى ابن منده هذا، وينسبون إليه أقوالا في الأصول والفروع وهو منها برئ.
وقال ابن الأثير في " الكامل " ١٠ / ١٠٨: وله طائفة ينتمون إليه في الاعتقاد من أهل أصبهان يقال لهم: العبد رحمانية.
(١) " تذكرة الحفاظ " ٣ / ١٦٦، و" ذيل طبقات الحنابلة " ١ / ٢٨.
(٢) في الأصل: أنا.
(٣) في الأصل: له.
(٤) انظر " تذكرة الحفاظ " ٣ / ١١٦٧، و" ذيل طبقات الحنابلة " ١ / ٢٨.
(٥) هو شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي المتوفى سنة (٤٨١) ، سترد ترجمته برقم (٢٦٠) .