للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ عبر السُّلْطَانُ بِجُيُوشِهِ نَهْر جَيْحُون، وَكَانُوا مائَتَيْ أَلف فَارِس، فَأُتِي بِعِلْج يُقَالَ لَهُ: يُوْسُف الخُوَارِزْمِيّ.

كَانَتْ بِيَدِهِ قَلْعَة (١) ، فَأَمر أَنْ يُشْبَحَ فِي أَرْبَعَة أَوتَاد، فَصَاح: يَا مخنثُ: مِثْلِي يُقتل هَكَذَا؟

فَاحتدَّ السُّلْطَانُ، وَأَخَذَ الْقوس، وَقَالَ: دعُوْهُ.

وَرمَاهُ فَأَخطَأَه فَطَفَرَ (٢) يُوْسُفُ إِلَى السَّرِيْر، فَقَامَ السُّلْطَانُ، فَعَثر عَلَى وَجهه، فَبرك العِلْجُ عَلَى السُّلْطَان، وَضَرَبَه بِسكِّين، وَتَكَاثر المَمَالِيْكُ، فَهبرَّوهُ (٣) ، وَمَاتَ مِنْهَا السُّلْطَان، وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً (٤) .

قَالَ مُؤيد الدَّوْلَة ابْنُ مُنْقِذ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ النَّجَّار رسولَ نَاصِرِ الدَّوْلَة ابْنِ حَمْدَان الْمُتَغَلب عَلَى مِصْرَ إِلَى أَلب آرسلاَن يَسْتَدعيه، وَيطلبُ عَسَاكِره لِيَتَسَلَّمَ ديَارَ مِصْر، لمَا وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السودَان، وَكَانَتِ المرَاسلَة فِي سَنَةِ (٤٦٣) ، فَوردت عَلَيْهِ بِخُرَاسَانَ، فَجَهَّزَ جَيْشاً كَثِيْراً، وَوصل هُوَ إِلَى ديَار بكر، ثُمَّ نَازل الرُّهَا، وَحَاصرهَا وَسيَّر رَسُوْلهَ إِلَى مُتَوَلِّي حلب مَحْمُوْد (٥) بن نَصْر، يَسْتَمده، وَيَأْمرُه أَنْ يَطَأَ بِسَاطه أُسْوَة غَيْره مِنَ المُلُوْك، فَلَمْ يَفْعَلْ وَخَافَ، فَأَقْبَل هُوَ، فَنَازل حلب، وَانتشرت عَسَاكِرُه بِالشَّامِ، ثُمَّ خَرَجَ مَحْمُوْد إِلَى خدمته، فَأَكْرَمَه، وَصَالِحه (٦) ، ثُمَّ فَتر السُّلْطَانُ عَنْ مِصْر، فَحرَّكه طَاغِيَة الرُّوْم


(١) في " المنتظم ": فلما وصل شتمه السلطان، وواقفه على أفعال قبيحة كانت منه، وفي " وفيات الأعيان ": وكان قد ارتكب جريمة في أمر الحصن.
(٢) طفر، أي: وثب في ارتفاع.
(٣) يقال: هبره بالسيف: قطعه.
(٤) الخبر في " المنتظم " ٨ / ٢٧٦ - ٢٧٧، و" الكامل " ١٠ / ٧٣ - ٧٤، و" وفيات الأعيان " ٥ / ٦٩ - ٧٠، و" دول الإسلام " ١ / ٢٧٤، و" مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": ٤٧ - ٤٨.
(٥) تقدمت ترجمته برقم (١٧٢) .
(٦) انظر " الكامل " ١٠ / ٦٤، و" مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": ٣٩، و" وفيات الأعيان " ٥ / ٦٩.