للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليَوْم مَجْلِسٌ عَظِيْم، فَقَالَ: هَذَا سَأَلتُه عَنْ مَذْهَبه، فَذَكَر مَذْهَباً لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَطُّ.

قَالَ: وَمَا قَالَ؟

فَقَالَ: قَالَ: أَنَا حَنْبَلِيّ.

فَقَالَ: دَعْهُ، فُكُلُّ مِنْ لَمْ يَكُنْ حَنْبَليّاً، فَلَيْسَ بِمُسْلِم.

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: الرَّجُل كَمَا وُصِفَ لِي.

وَلزمتُه أَيَّاماً، وَانْصَرَفتُ (١) .

قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ فِي (ذَمِّ الكَلاَمِ) ، فِي أَوله عقيبَ حَدِيْث {اليَوْمَ


(١) في حاشية الأصل بخط مغاير ما نصه: أخطأ هذا القائل قطعا، والمقول له في تصويبه ذلك.
وكذلك المادح له، بل لو قيل: إن قائل هذه المقالة يكفر بها لم يبعد، لأنه نفى الإسلام عن عالم عظيم من هذه الأمة، ليسوا بحنابلة، بل هم الجمهور الأعظم، ولقد بالغ المصنف في هذا الكتاب في تعظيم رؤوس التجسيم، وسياق مناقبهم، والتغافل عن بدعهم، بل يعدها سنة، ويهضم جانب أهل التنزيه، ويعرض بهم أو يصرح، ويتغافل عن محاسنهم العظيمة، وآثارهم في الدين، كما فعل في ترجمة إمام الحرمين والغزالي، والله حسيبه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال شعيب: يلمح القارئ من سطور هذا التعليق أن قائله أشعري جلد حاقد على الامام الذهبي رحمه الله فإنه ينعته بما هو برئ منه ويقوله ما لم يقل: فالخبر الذي أورده رحمه الله في هذه الترجمة لم يمر عليه دون أن ينتقد قائله ويبين وهاءه فقد وصف قائله فيما بعد باليبس وزعارة العجم ثم قال: وما قاله فمحل نظر.
أما قوله: إنه يبالغ في تعظيم رؤوس المجسمة ويكثر من سرد مناقبهم ويتغافل عن بدعهم ويعتدها سنة ... فقول في غاية السقوط وجرأة بالغة في تزوير الحقائق، فالذهبي رحمه الله إنما يعظم رؤوس أهل السنة والجماعة الذين اتخذوا مذهب السلف الصالح المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق والمصدوق قدوة في صفات الله سبحانه فآمنوا بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وأجروا تلك الصفات على ظاهرها اللائقة بجلال الله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل كما نطق بذلك القرآن (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فهؤلاء هم الذين يمتدحهم المؤلف رحمه الله ويسرد مناقبهم ويعدد مآثرهم ويشيد بفضلهم ليتخذهم أهل العلم قدوة.
فهل يعد هؤلاء من رؤوس المجسمة سبحانك هذا بهتان عظيم.
وفي مواضع كثيرة من كتابه تجد النقد القوي الرصين المقرون بقوة الحجاج وملازمة الإنصاف لكل قول يتبين له خطؤه ومجافاته لمذهب السلف كائنا من كان ذلك القائل من غير محاباة ولا مواربة، ففي هذه الترجمة ينتقد أبا إسماعيل فيذكر أن في كتابه منازل السائرين أشياء مشكلة مع أنه من مثبتي
الصفات وانظر ص ٢٨٦، ٢٨٧ من ترجمة الامام أحمد في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب، ويغلب على ظني أن صاحب هذا التعليق يخيل إليه أن مذهب السلف في الصفات يفضي إلى التجسيم وهذا ما دعاه إلى كتابة هذا التعليق الاثيم.