للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقبولاً قَبولاً أَتمَّ مِنَ المَلِك، مُطَاعَ الأَمْر نَحْواً مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً مِنْ غَيْرِ مُزَاحمَة، وَكَانَ إِذَا حضَرَ المَجْلِسَ لَبِسَ الثِّيَاب الفَاخِرَة، وَركب الدَّوَابّ الثّمِينَة، وَيَقُوْلُ: إِنَّمَا أَفْعَلُ هَذَا إِعزَازاً لِلدِّين، وَرَغْماً لأَعدَائِهِ، حَتَّى يَنظرُوا إِلَى عِزِّي وَتَجَمُّلِي، فِيرغبُوا فِي الإِسْلاَمِ.

ثُمَّ إِذَا انْصرف إِلَى بَيْته؛ عَادَ إِلَى المُرَقَّعَةِ (١) وَالقعُوْدِ مَعَ الصُّوْفِيَّة فِي الخَانقَاه يَأْكُلُ مَعَهُم، وَلاَ يَتَمَيَّزُ بحَالٍ، وَعَنْهُ أَخَذَ أَهْلُ هَرَاةَ التبكيرَ بِالفَجْر، وَتسمِيَةَ الأَوْلاَد غَالِباً بِعَبْدِ المضَافِ إِلَى أَسْمَاء الله - تَعَالَى - (٢) .

قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ السَّمْعَانِيّ: كَانَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ مُظْهِراً لِلسُّنَّة، دَاعِياً إِلَيْهَا، مُحَرِّضاً عَلَيْهَا، وَكَانَ مُكتفِياً بِمَا يُبَاسِط بِهِ المردينَ، مَا كَانَ يَأْخذُ مِنَ الظَّلَمَةِ شَيْئاً، وَمَا كَانَ يَتَعَدَّى إِطلاَق مَا وَرد فِي الظوَاهر مِنَ الكِتَاب وَالسّنَّة، مُعْتَقداً مَا صَحَّ، غَيْر مُصَرِّحٍ بِمَا يَقتضيه تَشبيهٌ، وَقَالَ مرَّة: مِنْ لَمْ يَرَ مجلسِي وَتذكيرِي، وَطَعَنَ فِيَّ، فَهُوَ مِنِّي فِي حِلٍّ (٣) .

قُلْتُ: غَالِبُ مَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ (الفَارُوْق) صِحَاح وَحِسَان، وَفِيْهِ بَابُ إِثْبَاتِ اسْتوَاءِ اللهِ عَلَى عَرْشه فَوْقَ السَّمَاء السَّابِعَة بَائِناً مِنْ خَلقه مِنَ الكِتَاب وَالسّنَّة، فَسَاقَ دلاَئِل ذَلِكَ مِنَ الآيَات وَالأَحَادِيْث ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:

وَفِي أَخْبَارٍ شَتَّى أَنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَة عَلَى الْعَرْش، وَعِلْمُهُ وَقُدْرَتُه وَاسْتمَاعُه وَنَظَرُه وَرَحمتُه فِي كُلِّ مَكَان.

قِيْلَ: إِنَّ شَيْخ الإِسْلاَمِ عَقد عَلَى تَفْسِيْر قَوْله: {إِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الحُسْنَى} [الأَنْبِيَاء:١٠١] ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ مَجْلِساً.


(١) المرقعة: من لباس الصوفية، لما فيها من الرقع. " المعجم الوسيط ".
(٢) " تذكرة الحفاظ " ٣ / ١١٨٩ - ١١٩٠.
(٣) المصدر السابق: ١١٩٠.