للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ ابْنُ مَاكُوْلا لبِيْباً، عَالِماً، عَارِفاً، حَافِظاً، يُرَشَّحُ لِلحفظ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ: الخَطِيْبُ الثَّانِي، وَكَانَ نَحْويّاً مجُوِّداً، وَشَاعِراً مبرّزاً، جَزْلَ الشّعر، فَصيح العِبَارَة، صَحِيْحَ النَّقل، مَا كَانَ فِي البَغْدَادِيِّيْنَ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ، طَاف الدُّنْيَا، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ (١) .

وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار: أَحَبَّ العِلْمَ مِنَ الصِّبَا، وَطلبَ الحَدِيْث، وَكَانَ يُحضر المَشَايِخ إِلَى مَنْزِلهمْ (٢) ، وَيسمع، وَرَحَلَ وَبَرَعَ فِي الحَدِيْثِ، وَأَتقنَ الأَدب، وَلَهُ النَّظْمُ وَالنثرُ وَالمُصَنّفَات.

نَفَّذَه المُقْتَدِي بِاللهِ رَسُوْلاً إِلَى سَمَرْقَنْد وَبُخَارَى لأَخْذ البَيْعَة لَهُ عَلَى ملكهَا طَمْغَان الخَان (٣) .

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ بن الدَّوَاتِي: اجْتَمَعتُ بِالأَمِيْر ابْن مَاكُوْلا، فَقَالَ لِي: خُذْ جُزئِين مِنَ الحَدِيْثِ، فَاجعل مُتُوْنَ هَذَا لأَسَانِيْدِ هَذَا، وَمُتُوْنَ الثَّانِي لأَسَانِيْدِ الأَوَّل، حَتَّى أَرُدُّهَا إِلَى الحَالَة الأُوْلَى (٤) .

قَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: سَأَلتُ أَبَا الغنَائِم النَّرْسِيّ عَنِ الخَطِيْب، فَقَالَ: جَبَلٌ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ، مَا رَأَينَا مِثْلَه، وَمَا سَأَلتُه عَنْ شَيْءٍ فَأَجَابَ فِي الحَال، إِلاَّ يَرْجِعُ إِلَى كِتَابِه (٥) .

قَدْ مرَّ أَنَّ الأَمِيْر كَانَ يُجيب فِي الحَال، وَهَذَا يَدلُّ عَلَى قوَّة حفظه، وَأَمَّا الخَطِيْب فَفعلُه دَالٌّ عَلَى وَرَعِهِ وَتَثَبُّتِه.

أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدانِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ


(١) " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢٠٤.
(٢) أي: إلى منزل أهله.
(٣) أنظر " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢٠٤.
(٤) " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢٠٤ - ١٢٠٥.
(٥) " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢٠٥.