للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البَرْبَرِ، لَهُ شَرَفٌ وَأُبُوَّة وَعَشِيْرَة.

تملَّك غَرنَاطَة، وَجيَّش الجُيُوْش، وَحَارَبَ المُعْتَصِم صَاحِب المرِيَّة، وَالمُعتضدَ صَاحِبَ إشبيليَة، وَكَانَ سَفَّاكاً لِلدِّمَاء.

فِيه عَدْلٌ بجَهل.

وَقَفَتْ لَهُ امْرَأَةٌ عِنْد بَاب إِلْبيرَة (١) ، فَقَالَتْ: يَا مَوْلاَنَا! ابْنِي يَعُقُّنِي.

فَطَلَبَهُ، وَدَعَا بِالسَّيْف، فَقَالَتِ المَرْأَة: إِنَّمَا أَردتُ تَهديده.

فَقَالَ: مَا أَنَا بِمُعَلِّمِ كُتَّاب.

وَأَمر بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ (٢) .

وَاسْتَعْمَلَ بَعْضَ أَقَارَبّه عَلَى بلد، فَخَرَجَ يَتَصَيَّد، فَمَرَّ بشيخِ قَرْيَة، فَرغب فِي تَشرِيفه بِالضِّيَافَة، فَأَنْزَلَهُ فِي أَرْضٍ فِيْهَا دُولاَب وَفَوَاكِه، فَبَادر لَهُ بثرِيْدٍ فِي لبن وَسُكَّرٍ، وَقَالَ: نَأْتِي بَعْد بِمَا تُحب.

فَرمَاهُ بِرَجُله وَضربَ الشَّيْخ، فَفَرَّ الشَّيْخُ، وَأَتَى إِلْبيرَة، فَعَرَّفَ المَلِكَ بِمَا جرَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: ارْجِع وَاصبر، وَوَاعَدَه، ثُمَّ جَاءهُ بَعْد أَيَّام فِي كبكبَة مِنْهم خَصمُه، فَقَدّم الشَّيْخُ لِلملك مِثْلَ ذَلِكَ الثرِيْد، فَتنَاوله وَأَكله وَاسْتطَابه، ثُمَّ قَالَ: خُذْ بثأْرك مِنْ هَذَا، فَاضْرِبْهُ.

فَاسْتعظم الشَّيْخُ ذَلِكَ، فَقَالَ الْملك: لاَبدَّ، فَضَرَبَه حَتَّى اقتصَّ مِنْهُ.

فَقَالَ الْملك: هَذَا حقُّ هَذَا، بَقِيَ حقُّ الله فِي إِهَانَة نَعمته، وَحَقِّي فِي اجْترَاء العُمَّال.

فَضَرَبَ عُنُقه، وَطِيف بِرَأْسِهِ. حكَاهَا اليَسعُ بنُ حَزْم.


= باديس، انظر " الاحاطة " ١ / ٤٣١ - ٤٣٣، وسينقل المؤلف عن أبي الفداء في " المختصر " نصا يظهر فيه أن بلكين هو أخو باديس صاحب الترجمة.
(١) قال ياقوت: إلبيرة، بوزن إخريطة: وهي كورة كبيرة من الأندلس، ومدينة متصلة بأراضي كورة قبرة بين القبلة والشرق من قرطبة، بينها وبين قرطبة تسعون ميلا.
(٢) الخبر في " المغرب في حلى المغرب " ٢ / ١٠٧.