للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَقر مُشرِفاً عَلَى عُلوَفَاتِهِم، فَكَتَبَ إِلَى الخَلِيْفَة المُسْتَظهر بِاللهِ: العَبْدُ ابْن البَقَر المُشرِف عَلَى البَطر، فَضَحِكَ الخَلِيْفَةُ مِنْ تَغفِيله.

قَالَ السِّلَفِيّ: دَخَلتُ بَغْدَاد فِي الرَّابع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّال، فَبَادَرْتُ إِلَى ابْنِ البَطرِ، فَدَخَلتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَسِراً، فَقُلْتُ: قَدْ وَصلتُ مِنْ أَصْبَهَان لأَجلك، فَقَالَ: اقرَأْ، وَنَطق بِالرَّاء غِيْناً، فَقَرَأْتُ مُتَّكِئاً مِنْ دمَامِيْل بِي، فَقَالَ: أَبصر ذَا الكَلب! فَاعْتذرتُ بِالدمَامِيْل، وَبكيتُ مِنْ كلاَمه، وَقَرَأْت سَبْعَة وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، وَقُمْتُ، ثُمَّ تردَّدتُ إِلَيْهِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ جُزْءاً، وَلَمْ يَكُنْ بِذَاكَ.

قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ ابْنُ البَطِرِ يَسكن بَاب الغَرَبَة (١) عِنْد المَشْرَعَة (٢) مِمَّا يَلِي البدرِيَّة، وَعُمِّر حَتَّى صَارَت إِلَيْهِ الرِّحلَةُ مِنَ الأَطرَاف، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطَّلبَةُ، وَكَانَ صَالِحاً صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاع، هُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ البَيِّع، وَابْن رِزقويه، وَابْن بِشْرَان.

مَاتَ: فِي سَادس عشر رَبِيْع الأَوّل، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.

أَخْبَرَنَا بِجُزء فِيْهِ حَدِيْثُ الإِفك لِلآجرِيِّ الطَّوَاشِيُّ بِلاَلٌ المُغِيثيُّ (٣) ،


(١) هو أحد أبواب دار الخلافة ببغداد، سمي بغربة كانت فيه - وهي شجرة ضخمة
خضراء -: " معجم البلدان ": ٤ / ١٩٢.
(٢) هي المواضع التي ينحدر إلى الماء منها.
(٣) ترجمة المؤلف في " مشيخته " ورقة: ٣٩، فقال: بلال بن عبد الله الأمير الكبير حسام الدين أبو الخير الحبشي الخصي المغيثي الجمدار، ويعرف بالوالي، ربى ملوكا، وأولاد ملوك، وكان وافر الحرمة، له أوقاف وبر، وفيه حب للرواية، عنده سفاين أجزاء عن ابن رواج وغيره، مات بعد الهزيمة في رمل مصر في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة، وكان من أبناء التسعين.
وابن رواج: هو عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح الإسكندراني المالكي المتوفى سنة ٦٤٨، " شذرات الذهب ": ٥ / ٢٤٢.