للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ اجْتَمَع بِالخَضِرِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَرَّتين (١) ، وَكَانَ يَتَكَلَّم فِي عِدَّةِ أَوقَات عَلَى الخوَاطر، كَمَا كَانَ يَتَكَلَّم بِبَغْدَادَ أَبُو الحَسَنِ بنُ القَزْوِيْنِيّ الزَّاهِد، وَكَانَ الْملك تُتُشُ (٢) يُعظِّمه، لأَنَّه تَمَّ لَهُ مُكَاشفَةٌ مَعَهُ ... إِلَى أَنْ قَالَ:

وَكَانَ نَاصراً لاعتقَادنَا، مُتَجَرِّداً فِي نَشره، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الفِقْه وَالوَعْظ وَالأُصُوْل.

قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة بَاب الصَّغِيْر، وَقَبرُهُ مَشْهُوْر يُزَار، وَيُدعَى عِنْدَهُ.

وَهُوَ وَالِدُ الإِمَام الرَّئِيْس شرف الإِسْلاَم عَبْد الوَهَّابِ (٣) بن أَبِي الفَرَجِ الحَنْبَلِيّ الدِّمَشْقِيّ، وَاقف المدرسَة الحَنْبَليَة (٤) الَّتِي وَرَاء جَامِع دِمَشْق بِحِذَاء الرَّوَاحِيَة (٥) ، وَكَانَ صَدراً مُعَظَّماً يُرسَل عَنْ صَاحِب دِمَشْق إِلَى الخِلاَفَة، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.

وَشَرَفُ الإِسْلاَمِ هَذَا هُوَ جَدُّ الإِمَامِ المُفْتِي شَيْخِ الحِنَابلَةِ:


(١) وهذا مبني على أن الخضر حي لم يمت بعد، وهو قول مؤوف لا يصح، فقد صرح بموته جمهور أهل العلم فيما نقله أبو حيان في " البحر المحيط " وذكر الحافظ في " الإصابة " منهم إبراهيم الحربي، وعبد الله بن المبارك، والبخاري، وأبا طاهر بن العبادي، وأبا الفضل بن ناصر، وأبا بكر بن العربي، وابن الجوزي، وغيرهم.
(٢) ستأتي ترجمته برقم (٤٦) .
(٣) ستأتي ترجمته في الجزء العشرين رقم ٦٣.
(٤) هي المدرسة الشريفية عند القباقبية العتيقة، أنشأها شرف الإسلام عبد الوهاب، انظر مختصر تنبيه الطالب، وإرشاد الدارس ص: ١٢٤.
(٥) هي مدرسة للشافعية لصيقة بالجامع الأموي من جهة بابه الشرقي، وبانيها هو زكي الدين أبو القاسم التاجر المعروف بابن رواحة، المتوفى سنة ٦٢٢ هـ، ولي التدريس فيها نخبة ممتازة من أهل العلم والفضل كابن الصلاح، وبهاء الدين السبكي، والكمال بن الزملكاني، وصفي الدين الارموي، وشمس الدين المقدسي.
انظر " الدارس " ص: ١، ٢١، ٣٢، ٣٩، ١٣٠، ١٣٥، ٢٦٨، و" مختصر تنبيه الطالب " ص ٤٣ - ٤٥.