للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالمَنْصُوْر العَبَّاسِيّ.

وَرَام ابْنُهُ إِسْمَاعِيْل اغْتيَالَه، فَأَخَذَهُ، وَضربَ عُنُقه، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ الْمُعْتَمد (١) .

قِيْلَ: سَمَّه طَاغِيَةُ الفِرَنْج فِي ثَوْبٍ فَاخر، أَهدَاهُ لَهُ (٢) .

وَمِنْ جَبَرُوتِهِ وَعُتُوِّهِ أَنَّهُ أَخَذَ مَالاً لأَعْمَى، فَهجَّ وَجَاور بِمَكَّةَ، فَبَلَغَ المُعْتَضِدَ أَنَّهُ يَدعُو عَلَيْهِ، فَندبَ رَجُلاً أَعْطَاهُ جُمْلَةَ دَنَانِيْر مَطْلِيَّةً بِسُمٍّ، فَسَارَ إِلَى مَكَّةَ، وَأَوصله الذّهب، فَقَالَ: يَظلمنِي بِإِشبيليَة، وَيَصِلُنِي هُنَا؟!

ثُمَّ وَضَعَ مِنْهَا دِيْنَاراً فِي فَمِهِ كَعَادَة الأَضِرَّاء، فَمَاتَ مِنَ الغَدِ.

وَهَرَبَ مِنْهُ مُؤَذِّن إِلَى طُلَيْطُلَةَ، فَبقِي يَدعُو عَلَيْهِ فِي السَّحر، فَنفَّذ مَنْ جَاءهُ بِرَأْسِهِ.

وَقَدْ سَكِرَ لَيْلَةً، وَخَرَجَ فِي اللَّيْلِ مَعَهُ غُلاَمٌ، وَسَارَ مَخْمُوْراً، حَتَّى وَافَى قَرمُونَه (٣) ، وَصَاحِبهَا إِسْحَاق البِرْزَال، وَبينهُمَا حُرُوْب، وَكَانَ يَشرب أَيْضاً فِي جَمَاعَةٍ، فَاسْتَأْذَن المُعْتَضِدُ، وَدَخَلَ، فَزَادَ تَعجُّبُهُم، فَسَلَّمَ وَأَكل، وَأَلَّ (٤) [مِنْ] سُكْرِهِ، وَسُقِطَ فِي يَدِهِ، لَكنَّه تَجلَّد، ثُمَّ قَالَ: أُرِيْد أَنْ أَنَام، فَفَرشُوا لَهُ، فَتنَاوم، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا كَبش سمِينٌ، وَاللهِ لَوْ أَنفقتُم مُلكَ الأَنْدَلُس عَلَيْهِ مَا قَدَرْتُم، فَقَالَ مُعَاذُ بنُ أَبِي قُرَّة: كلا، رَجُل قَصَدَنَا،


(١) تقدم الخبر في " السير " مفصلا في ترجمة " المعتضد " في الجزء الثامن عشر رقم ١٢٦.
(٢) الخبر في فوات الوفيات: ٢ / ١٤٧.
(٣) قال ياقوت: ٤ / ٣٣٠: قرمونيه: بالفتح ثم السكون، وضم الميم، وسكون الواو، ونون مكسورة، وياء مخففة، وهاء: كورة بالاندلس يتصل عملها بأعمال إشبيلية غربي قرطبة وشرقي إشبيلية، قديمة البنيان، وأكثر الناس يقولون " قرمونه ".
(٤) في اللسان: أل في سيره ومشيه. إذا أسرع واهتز واضطرب. وما بين الحاصرتين زيادة يقتضيها النص.