للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُوْلُ: كتب عمِّي أَبُو الفَضْلِ عَنِ ابْنِ شَاذَانَ أَلفَ جُزءٍ، وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوهَّاب الأَنْمَاطِيّ يَقُوْلُ: مَا رُئِيَ مِثْلُ أَبِي الفَضْلِ بنِ خَيْرُوْنَ، لَوْ ذكرت لَهُ كتبه وَأَجزَاءَهُ الَّتِي سَمِعَهَا، يَقُوْلُ لَكَ عَمَّنْ سَمِعَ، وَبأَيِّ طَرِيْقٍ سَمِعَ، وَكَانَ يَذْكُرُ الشَّيْخَ وَمَا يَرْوِيْهِ، وَمَا يَنْفَرِدُ بِهِ.

قَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ: كَتَبُوا مرَّةً لِعمِّي: الحَافِظ، فَغَضِبَ، وَضربَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: قرَأنَا حَتَّى يُكتب لِي الحَافِظ؟!

قُلْتُ: وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الوَاسِطِيّ، وَعَلِيِّ بنِ طَلْحَةَ - قرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ - وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَة الصَّدَفِيّ، وَكَانَ يُقَالُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان: هُوَ كَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ فِي زَمَانِهِ، إِشَارَةً إِلَى تَزكيته لِمَشَايِخ وَقته، وَتَبيين جَرْحِهِم، وَكَانَ يُنْصِف.

قَالَ السِّلَفِيّ: كَانَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ وَقْتِهِ (١) .

وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ طَاهِر بكلاَم زَيْفٍ، فَذَكَر أَنَّهُ كَانَ يُلْحِقُ بِخطِّه أَشيَاء فِي (تَارِيخ الخَطِيْب) .

قُلْتُ: مَاذَا بِإِلحَاق، بَلْ هُوَ حَوَاشٍ، وَقَدْ كَانَ شَيْخُهُ الخَطِيْبُ أَذِنَ لَهُ فِي مِثْل ذَلِكَ، وَخَطُّهُ، فَمَشْهُوْر بَيِّن، لاَ يَلتَبِسُ بِغَيْره.

مَاتَ: فِي رَجَب، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً وَشهرٌ.

وَمَاتَ مَعَهُ: شَيْخُ العِرَاق أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْق الله بن عَبْدِ الوَهَّابِ التَّمِيْمِيّ، وَشَيْخُ المُعْتَزِلَةِ المُفَسِّرُ أَبُو يُوْسُفَ عَبْد السَّلاَمِ القَزْوِيْنِيّ، وَطَائِفَة، ذكرتُهُم فِي (التَّذكرَة (٢)) وَغَيْرهَا.


(١) عيون التواريخ: ١٣ / ٥١.
(٢) ٤ / ١٢٠٨ - ١٢٠٩.