للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي نَزَاهته وَعِفَّته، وَوَرَعه، وَتشَاغُلِهِ بِالعِلْمِ، صَنّفَ (تَارِيخ الأَنْدَلُس (١)) .

وَقَالَ يَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّلَمَاسِي: قَالَ أَبِي:

لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَ الحُمَيْدِيّ فِي فَضْلِهِ وَنُبْلِهِ، وَغَزَارَةِ عِلْمِهِ، وَحِرْصِهِ عَلَى نَشرِ العِلْم، وَكَانَ وَرِعاً تَقِيّاً، إِمَاماً فِي الحَدِيْثِ وَعِلَلِه وَروَاته، مُتَحقِّقاً بِعِلْمِ التَّحقيق وَالأُصُوْل عَلَى مَذْهَب أَصْحَابِ الحَدِيْث بِمُوَافِقَة الكِتَاب وَالسّنَّة، فَصيحَ العِبَارَة، مُتَبَحِّراً فِي علم الأَدب وَالعَرَبِيَّة وَالتَّرَسُّل ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:

وَلَهُ: كِتَابُ (جُمل تَارِيخ الإِسْلاَم) ، وَكِتَابُ (الذَّهب الْمَسْبُوكِ فِي وَعظِ المُلُوْك) ، وَكِتَاب (التَّرسُّل (٢)) ، وَكِتَاب (مُخَاطبَات الأَصْدِقَاءِ) ، وَكِتَابُ (حِفْظ الجَارِ) ، وَكِتَابُ (ذَمّ النَّمِيمَةِ) ، وَلَهُ شعرٌ رَصينٌ فِي الموَاعِظ وَالأَمْثَال.

قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ أَبَا عَامِرٍ العَبْدَرِي عَنِ الحُمَيْدِيّ، فَقَالَ:

لاَ يُرَى مِثْلُه قَطُّ، وَعَنْ مِثْلِه لاَ يُسْأَل، جَمَعَ بَيْنَ الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ وَالأَدبِ، وَرَأَى عُلَمَاء الأَنْدَلُس، وَكَانَ حَافِظاً.

قُلْتُ: كَانَ الحُمَيْدِيّ يُقْصَدُ كَثِيْراً فِي رِوَايَة (كِتَاب الشِّهَاب) عَنْ


(١) واسمه (جذوة المقتبس) وهو مطبوع متداول ألفه في بغداد، وذكر في خطبته أنه كتبه من حفظه، افتتحه بمقدمة تاريخية ضافية عن ولاة الأندلس منذ الفتح حتى عصر الحسنيين، ثم أورد ما يحضره من أسماء رواة الحديث بالاندلس، وأهل الفقه والأدب، وذوي النباهة والشعر، ومن له ذكر منهم، أو ممن دخل إليهم، أو خرج عنهم في معنى من معاني العلم والفضل أو الرياسة والحرب، مرتبا على حروف المعجم، وقد ذيل عليه أحمد ابن يحيى الضبي المتوفي سنة ٥٩٩ هـ، وسماه (بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس) .
(٢) في معجم الأدباء: ١٨ / ٢٨٥، وغيره (تسهيل السبيل إلى علم الترسيل) ، والترسل والترسيل واحد.