للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلأَبِي المُظَفَّر يُوْسُف سِبْطِ ابْنِ الجَوْزِيّ فِي كِتَاب (رِيَاض الأَفهَام) فِي مَنَاقِب أَهْلِ البَيْت قَالَ:

ذَكَرَ أَبُو حَامِدٍ فِي كِتَابِهِ (سِرّ العَالمين وَكشف مَا فِي الدَّارين) فَقَالَ فِي حَدِيْث: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ (١)) أَنَّ عُمَر قَالَ لعلِي: بخٍ بخٍ، أَصْبَحتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَة.

قَالَ أَبُو حَامِدٍ: وَهَذَا تَسْلِيمٌ وَرِضَىً، ثُمَّ بَعْد هَذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الهَوَى حُباً لِلرِّيَاسَة، وَعَقْدِ البُنُوْد، وَأَمرِ الخِلاَفَة وَنَهيهَا، فَحملهُم عَلَى الخلاَف، فَنبذُوهُ وَرَاءَ ظُهُوْرهِم، وَاشتَرَوْا بِهِ ثَمناً قليلاً، فَبِئس مَا يَشترُوْنَ، وَسَرَدَ كَثِيْراً مِنْ هَذَا الكَلاَم الفَسْلِ الَّذِي تَزعمُهُ الإِمَامِيَّة، وَمَا أَدْرِي مَا عُذْرُهُ فِي هَذَا؟ وَالظَّاهِر أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، وَتبع الحَقَّ، فَإِنَّ الرَّجُل مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.

هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَضَع هَذَا وَمَا ذَاكَ بِبعيد، فَفِي هَذَا التَّأْلِيف بَلاَيَا لاَ تَتَطَبَّب، وَقَالَ فِي أَوَّله: إِنَّهُ قرَأَه عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ تُوْمرت المَغْرِبِيّ سِرّاً بِالنَّظَامِيَة، قَالَ: وَتوسَّمْتُ فِيْهِ المُلْكَ.

قُلْتُ: قَدْ أَلَّفَ الرَّجُلُ فِي ذَمِّ الفَلاَسِفَة كِتَاب (التهَافت) ، وَكَشَفَ عوَارهُم، وَوَافقهُم فِي موَاضِع ظنّاً مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ حقٌّ، أَوْ مُوَافِقٌ لِلملَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالآثَار وَلاَ خِبْرَةٌ بِالسُّنَنِ النَّبويَّة القَاضِيَة عَلَى العَقْل، وَحُبِّبَ إِلَيْهِ إِدمَانُ النَّظَر فِي كِتَاب (رَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَا) وَهُوَ دَاءٌ عُضَال، وَجَرَبٌ مُرْدٍ، وَسُمٌّ قَتَّالٌ، وَلَوْلاَ أَنَّ أَبَا حَامِد مِنْ كِبَارِ الأَذكيَاء، وَخيَارِ المُخلِصينَ، لَتَلِفَ.

فَالحِذَارَ الحِذَارَ مِنْ هَذِهِ الكُتُب، وَاهرُبُوا بدينكُم مِنْ شُبَهِ الأَوَائِلِ، وَإِلاَّ


(١) حديث صحيح رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة، وسعد بن أبي وقاص، وعلي، وأبو أيوب، وابن عباس.
انظر " المسند " ١ / ٨٤ و١١٨ و١٥٢ و٣٣٠، و٤ / ٢٨١ و٣٦٨ و٣٧٢ و٥ / ٣٤٧ و٣٥٠ و٣٥٨ و٣٦١ و٣٧٠، والترمذي (٣٧١٣) وابن ماجة (١١٦) و (١٢١) وابن حبان (٢٢٠٤) و (٢٢٠٥) والحاكم ٣ / ١٠٩ و١١٠ و١٣٢ - ١٣٤.