للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالانتقَالِ إِلَى الْقُلُوب وَالصّحف، وَأَنَّ مُوْسَى سَمِعَ كَلاَم الله بِغَيْرِ صَوْت وَلاَ حرف (١) ، كَمَا تُرَى ذَاتُه مِنْ غَيْرِ شكل وَلاَ لَوْنٍ، وَأَنَّهُ يُفرق بِالموت بَيْنَ الأَرْوَاح وَالأَجسَام، ثُمَّ يُعيدُهَا إِلَيْهَا عِنْد الْحَشْر، فَيبعثُ مَنْ فِي القُبُوْر.

مِيزَان الأَعْمَال مِعْيَار يُعبِّر عَنْهُ بِالمِيزَان، وَإِنْ كَانَ لاَ يُسَاوِي مِيزَانَ الأَعْمَال مِيزَانَ الجِسْم الثَّقِيل، كَمِيزَان الشَّمْس، وَكَالمسطرَة الَّتِي هِيَ مِيزَان السُّطور، وَكَالعَروضِ مِيزَان الشّعر.

قُلْتُ: بَلْ مِيزَانُ الأَعْمَالِ لَهُ كِفَّتَان، كَمَا جَاءَ فِي (الصَّحِيح (٢)) وَهَذَا الْمُعْتَقد غَالِبُهُ صَحِيْح، وَفِيْهِ مَا لَمْ أَفهمه، وَبعضُه فِيْهِ نِزَاع بَيْنَ أَهْلِ


(١) في كتاب الفقه الأكبر المنسوب لأبي حنيفة رحمه الله: والقرآن في المصاحف مكتوب، وفي القلوب محفوظ، وعلى الالسن مقروء، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم منزل، ولفظنا بالقرآن مخلوق، والقرآن غير مخلوق، وما ذكر الله في القرآن عن موسى عليه السلام وغيره، وعن فرعون وإبليس، فإن ذلك كلام الله إخبارا عنهم، وكلام موسى وغيره من المخلوقين
مخلوق، والقرآن كلام الله لا كلامهم، وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى، فلما كلم موسى كلمه بكلامه الذي هو من صفاته لم يزل، وصفاته كلها خلاف صفات المخلوقين، يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا، ويتكلم لا ككلامنا.
وقال العلامة الآلوسي في تفسيره " روح المعاني " ١ / ١٧: الذي انتهى إليه كلام أئمة الدين كالماتريدي والاشعري وغيرهما من المحققين أن موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى بحرف وصوت كما تدل عليه النصوص التي بلغت في الكثرة مبلغا لا ينبغي معه تأويل، ولا يناسب في مقابلته قال وقيل، فقد قال تعالى: (وناديناه من جانب الطور الايمن) ، (وإذ نادى ربك موسى) ، (نودي من شاطئ الواد الايمن) ، (إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى) واللائق بمقتضى اللغة والأحاديث أن يفسر النداء بالصوت، بل قدر ورد إثبات الصوت لله تعالى شأنه في أحاديث لا تحصى وأخبار لا تستقصى.
(٢) لفظ الميزان ورد في القرآن والأحاديث الصحيحة، وأما الكفتان، فلم تردا في الصحيح كما ذكر المصنف، وإنما هي في المسند ٢ / ٢١٣، والترمذي (٢٦٤١) ، وابن ماجة (٤٣٠٠) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (٢٥٣٤) ، والحاكم: / ٥٢٩، ووافقه الذهبي.
وانظر " النهاية " لابن كثير: ٢ / ٢٤، وشرح العقيدة الطحاوية: ص ٤٠٩ - ٤١٣ لابن أبي العز بتحقيقنا.