للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزَّاهِدِ، وَدرَّس مُدَّةً طَوِيْلَةً بِمَدرَسَةِ شَرفِ المُلك، وَتَرَسَّل إِلَى مُلُوْكِ الأَطرَافِ، وَوَلِيَ نَقَابَةَ العَبَّاسِيِّيْنَ وَالطَّالِبيين، ثُمَّ اسْتَعفَى بَعْدَ أَشهرٍ، فَوَلِيهَا أَخُوْهُ طِرَادٌ، وَتَفَقَّهَ عَلَى قَاضِي القُضَاةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الدَّامَغَانِي، وَلِلغزِّي الشَّاعِر فِيْهِ قَصِيدَة (١) مَدحه بِهَا، وَكَانَ مكرماً لِلْغُربَاء، عَارِفاً بِالمَذْهَب، وَافر العظمَة.

تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، فَالإِخْوَة الأَرْبَعَةُ اتَّفَقَ لَهُم أَن مَاتُوا فِي عَشْرِ المائَةِ، وَهَذَا نَادر.

قَالَ ابْنُ النَّجَّار: أَفْتَى وَدرَّس بِالمدرسَة الَّتِي أَنشَأَهَا شَرفُ المُلكِ (٢) أَبُو سَعْدٍ، وَوَلِيَ نِقَابَة العَبَّاسِيِّيْنَ وَالطَّالبيين مَعاً فِي أَوّل سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَبقِي مُدَّةً عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَعفَى، وَكَانَ شَرِيْفَ النَّفْس، قوِيّ الدّين، وَافرَ العِلْم، شَيْخَ أَصْحَابِ الرَّأْي فِي وَقته وَزَاهِدَهُم، وَفَقِيهَ بَنِي العَبَّاسِ وَرَاهِبَهُم، لَهُ الوجَاهَةُ الكَبِيْرَة عِنْد الخُلَفَاء.

قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ شُجَاعاً الحَافِظَ عَنْ أَبِي طَالِبٍ الزَّيْنَبِيِّ، فَقَالَ:

إِمَامٌ عَالِم مُدَرِّس، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيْفَةَ، سَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ كَرِيْمَةَ (الصَّحِيح) .


(١) مطلعها: جفون يصح السقم فيها فتسقم * ولحظ يناجيه الضمير فيفهم أورد أبياتا منها التقي الفاسي في " العقد الثمين ": ٤ / ٢٠٧، وحين فرغ من ترجمته قال: كتبت هذه الترجمة من مختصر الذهبي لتاريخ دمشق لابن عساكر.
(٢) بباب الطاق: محلة كبيرة ببغداد بالجانب الشرقي من بغداد بين الرصافة ونهر المعلى، ويعرف بطاق أسماء منسوب إلى أسماء بنت المنصور، وكان طاقا عظيما، وكان في دارها التي صارت لعلي بن جهشيار صاحب الموفق الناصر لدين الله أقطعه إياها الموفق، وعند هذا الطاق كان مجلس الشعراء أيام الرشيد، والموضع المعروف بين القصرين: هما قصران لاسماء، هذا أحدهما، والآخر قصر عبد الله بن المهدي، " معجم البلدان ": ١ / ٣٠٨، و٤ / ٥.