للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخَمِيْس، سَادسَ (١) عِشْرِيْنَ رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، وَمَرِضَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ تَرَاقِي (٢) ظَهَرَ بِهِ، وَبَلَغَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ لَيِّنَ الجَانبِ، كَرِيْمَ الخَلاَئِقِ، مشكورَ المسَاعِي، إِذَا سُئِلَ مكرُمَةً، أَجَابَ إِلَيْهَا، وَإِذَا ذُكِّرَ بِمَثُوْبَةٍ تَشوَّف نَحْوهَا.

وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَنْشَدَ قَبْل مَوْته بِقَلِيْلٍ، وَبَكَى:

يَا كَوْكَباً مَا كَانَ أَقَصَرَ عُمْرَهُ! ... وَكَذَاكَ عُمْرُ كَوَاكِبِ الأَسْحَارِ (٣)

وَفِي أَوّل خِلاَفَته (٤) ، جهَّز السُّلْطَان بَرْكْيَا رُوْق بن مَلِكْشَاه جَيْشاً مَعَ قسيم الدَّوْلَة جدِّ نور الدّين وَبُوزبَان، فَالتقَاهُم تَاجُ الدَّوْلَة تُتُش بِظَاهِرِ حلبَ، فَأَسر قَسيمَ الدَّوْلَة، وَذَبَحَه تُتُش، وَأَخَذ حلب بَعْد حِصَار، وَذَبَحَ بُوزبَانَ،


(١) وكذا أرخ وفاته ابن الأثير في " الكامل ": ١٠ / ٤٣٥، وجاء في هامش الأصل ما نصه: " ثالث " خ.
(٢) في " مرآة الزمان ": وهو دمل يطلع في الحلق، وفي " الشذرات ": ٤ / ٣٣: توفي بالخوانيق.
(٣) البيت لأبي الحسن علي بن محمد التهامي المقتول ٤١٦ هـ من قصيدة غاية في الجودة يرثي بها ولده، ومطلعها:
حكم المنية في البرية جار * ما هذه الدنيا بدار قرار
إني وترت بصارم ذي رونق * أعددته لطلابة الاوتار
يا كوكبا ما كان أقصر عمره * وكذاك عمر كواكب الاسحار
وهلال أيام مضى لم يستدر * بدرا ولم يمهل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه * فمحاه قبل مظنة الابدار
واستل من أترابه ولداته * كالمقلة استلت من الاشفار
فكأن قلبي قبره وكأنه * في طيه سر من الاسرار
أشكو بعادك لي وأنت بموضع * لولا الردى لسمعت فيه سراري
والشرق نحو الغرب أقرب شقة * من بعد تلك الخمسة الاشبار
جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري
(٤) انظر " الكامل ": ١٠ / ٢٣٢، ٢٣٤، ٢٣٩، ٢٤٣، ٢٦٢، ٢٦٣، ٢٦٤، ٢٦٥، ٢٦٨.