للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البَاطِنِيَّة، وَهُمُ الإِسْمَاعِيْليَّةُ، وَهُمُ الَّذِيْنَ كَانُوا قديماً يُسَمَّوْنَ القرَامِطَةَ (١) .

قَالَ: وَتَجرد بِأَصْبَهَانَ لِلانتقَامِ مِنْهُم الخُجَنْدِيُّ (٢) ، وَجَمَعَ الجمَّ الغفِيرَ بِالأَسلحَة، وَأَمر بِحفرِ أَخَادِيدَ أُوقِدَتْ فِيْهَا النِّيرَانُ، وَجَعَلُوا يَأْتُوْنَ بِهِم، وَيُلقُونَهُم فِي النَّارِ، إِلَى أَنْ قتلُوا مِنْهُم خَلقاً كَثِيْراً.

قَالَ: وَكَانَ ابْنُ صَبَّاح شَهْماً، عَالِماً بِالهندسَة وَالنُّجُوْم وَالسّحر، مِنْ تلاَمذَة ابْنِ غَطَّاشٍ الطَّبِيْب الَّذِي تَملَّك قَلْعَة أَصْبَهَان، وَمِمَّنْ دَخَلَ بِمِصْرَ عَلَى المُسْتَنْصِر، فَأَعْطَاهُ مَالاً، وَأَمره بِالدعوَة لابْنِهِ نِزَار، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ مَنْ قتل نِظَام الْملك، وَقَدْ قتل صَاحِبُ كِرْمَان أَرْبَعَة آلاَف لِكَوْنِهِم سُنَّةً، وَاسْمُهُ تيرَانشَاه السَّلْجُوْقِي، حَسَّن لَهُ رَأْيَ البَاطِنِيَّة أَبُو زُرْعَةَ الكَاتِب، فَانسلخَ مِنَ الدِّينِ، وَقَتَلَ أَحْمَد بن الحُسَيْنِ البَلْخِيّ شَيْخُ الحَنَفِيَّة، فَقَامَ عَلَيْهِ جندُه وَحَاربوهُ، فَذلَّ، وَتَبِعَهُ عَسْكَر، فَقتلُوْهُ، وَقتلُوا أَبَا زُرْعَةَ، وَصَارَت الأُمَرَاءُ يُلاَزمُوْنَ لُبْس الدُّرُوْع تَحْتَ الثِّيَاب خوَفاً مِنْ فَتكِ هَؤُلاَءِ الملاَحدَةِ، وَركب السُّلْطَان بَرْكْيَارُوْق فِي تَطلُّبِهِم، وَدَوَّخهُم، حَتَّى قتلَ جَمَاعَةً بُرَآء، سَعَى بِهِم الأَعْدَاءُ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ أَهْل عَانَة، وَاتُّهم إِلكيَا الهَرَّاسِي بِأَنَّهُ مِنْهُم - وَحَاشَاهُ - فَأَمر السُّلْطَانُ مُحَمَّد بن مَلِكْشَاه بِأَنْ يُؤْخَذَ، حَتَّى شَهِدُوا لَهُ بِالخَيْرِ، فَأُطلق (٣) .

وَفِيْهَا كَسَرَ دُقَاق صَاحِبُ دِمَشْق الفِرَنْجَ، وَحَاصَرَ صَاحِبُ القُدْس كندفرِي عكَّا، فَقُتِلَ بِسَهمٍ، وَتَملَّكَ أَخُوْهُ بغدوين، وَأَخَذتِ الفِرَنْجُ سَرُوجَ


(١) الكامل ١٠ / ٣١٣، والزيادة منه.
(٢) هو أبو القاسم مسعود بن محمد الخجندي الفقيه الشافعي. انظر " الكامل ": ١٠ / ٣١٥.
(٣) انظر " الكامل ": ١٠ / ٣١٣ - ٣٢٣ لابن الأثير، والمنتظم: ٩ / ١٢٠، ١٢٣.