للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَوْقَ آمَالِهِ، وَكَتبُوا لَهُ تَقليداً بِإِمْرَة الشَّام كُلِّه.

وَفِي سَنَةِ عَشْرٍ قَدِمَ البُرسُقِي صَاحِبُ المَوْصِل إِلَى الشَّامِ غَازِياً، وَسَارَ مَعَهُ طُغْتِكِين، فَكَبَسُوا الفِرَنْجَ، وَنَزَلَ النَّصْرُ، فَقُتِلَ أُلُوْفٌ مِنَ الفِرَنْج، وَاسْتحكمت المَوَدَّةُ بَيْنَ البُرسُقِي وَبَيْنَ صَاحِب دِمَشْق.

وَفِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ كَبَسَتِ الفِرَنْجُ حَمَاة، وَقتلُوا مائَة وَعِشْرِيْنَ رَجُلاً (١) ، وَبدَّعُوا، وَجَاءَ سَيْلٌ هدم سُورَ سِنجَار، وَغرَّق خَلاَئِقَ، وَأَخَذَ بَابَ المَدِيْنَة، ثُمَّ ظهر تَحْتَ الرملِ بَعْد سِنِيْنَ عَلَى مَسِيرَة بَرِيْد، وَسَلِمَ مَوْلُوْدٌ فِي سَرِيْرِهِ عَامَ بِهِ، وَتَعَلَّق فِي زَيْتونَةٍ.

وَفِيْهَا تَسَلَّطن السُّلْطَانُ مَحْمُوْدٌ بَعْدَ أَبِيْهِ مُحَمَّد، وَأُنفقت خَزَائِنُ أَبِيْهِ فِي العَسَاكِر، فَقِيْلَ: كَانَتْ أَحَدَ عشرَ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ (٢) .

وَتُوُفِّيَ المُسْتظهر بِاللهِ عَنْ سَبْعَة بَنِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُه المُسْترشد بِاللهِ (٣) .


(١) الكامل في التاريخ: ١٠ / ٥٣٢.
(٢) الكامل في التاريخ: ١٠ / ٥٢٥.
(٣) وصفه ابن الأثير في " الكامل ": ١٠ / ٥٣٥ بلين الجانب، وكرم الاخلاق، وحب اصطناع الناس، وفعل الخير، والمسارعة إلى أعمال البر والمثوبات، وأنه لا يرد مكرمة تطلب منه، وأنه كثير الوثوق بمن يوليه لا يصغي إلى سعاية ساع، ولا يلتفت إلى قوله، وما عهد عليه تلون وانحلال عزم بأقوال أصحاب الاغراض، وقال:
كانت أيامه أيام سرور للرعية، فكأنها من حسنها أعياد، وكان إذا بلغه ذلك فرح به وسره، وإذا تعرض سلطان، أو نائب له لاذى أحد، بالغ في إنكار ذلك والزجر عنه، وذكر له من شعره قوله:
أذاب حر الهوى في القلب ما جمدا * لما مددت إلى رسم الوداع يدا
وكيف أسلك نهج الاصطبار وقد * أرى طرائق في مهوى الهوى قددا
قد أخلف الوعد بدر قد شغفت به * من بعد ما قد وفى دهري بما وعدا
إن كنت أنقض عهد الحب في خلدي * من بعد هذا فلا عاينته أبدا