للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عشر جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة، وَكَانَ الجمعُ يَفوت الإِحصَاءُ، قَالَ ابْنُ نَاصر شَيْخُنَا: حزرتُهُم بِثَلاَثِ مائَةِ أَلْف.

قَالَ المُبَارَكُ بنُ كَامِلٍ: صُلِّي عَلَى شَيخنَا بِجَامِع القَصْر، فَأَمَّهُم ابْنُ شَافع، وَكَانَ الجمعُ مَا لاَ يُحصَى، وَحُمِلَ إِلَى جَامِع المَنْصُوْر، فَصُلِّي عَلَيْهِ، وَجَرَتْ فِتْنَةً، وَتَجَارَحُوا، وَنَال الشَّيْخُ تَقطيع كفن، وَدُفِنَ قَرِيْباً مِنَ الإِمَام أَحْمَد.

وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ أَيْضاً فِيْهِ: هُوَ فَرِيْدُ فَنِّه، وَإِمَامُ عصره، كَانَ حَسَنَ الصُوْرَة، ظَاهِرَ المَحَاسِن.

قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَإِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَحظيتُ مِنْ قُربه بِمَا لَمْ يَحظ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَ حدَاثَة سِنِّي، وَكَانَ أَبُو الحَسَنِ الشِّيرَازِي إِمَامَ الدُّنْيَا وَزَاهِدَهَا، وَفَارِسَ المنَاظرَة وَواحدَهَا، يعلمنِي المنَاظرَة، وَانتفعتُ بِمُصَنّفَاته ... ، ثُمَّ سَمَّى جَمَاعَة مِنْ شُيُوْخِهِ (١) .

ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُنَا الحنَابلَة يُرِيْدُوْنَ مِنِّي هِجرَان جَمَاعَةٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَحرِمنِي عِلْماً نَافِعاً.

قُلْتُ: كَانُوا يَنهونه عَنْ مُجَالَسَةِ المُعْتَزِلَة، وَيَأْبَى حَتَّى وَقَعَ فِي حَبَائِلهِم، وَتَجسَّر عَلَى تَأْويلِ النُّصُوص - نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ -.

قَالَ: وَأَقْبَلَ عَليَّ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ يُوْسُفَ، وَقَدَّمنِي عَلَى الفتَاوِي، وَأَجلَسَنِي فِي حَلْقَةِ البَرَامِكَةِ بِجَامِعِ المَنْصُوْر لَمَّا مَاتَ شَيخُنَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَامَ بِكُلِّ مُؤنتِي وَتَجَمُّلِي.


(١) انظر " المنتظم ": ٩ / ٢١٢، ٢١٣، و" ذيل طبقات الحنابلة ": ١ / ١٤٢، ١٤٣.