للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِتُّ أُخَالِجُ شَكِّي بِهِ ... أَزَوْرٌ طَرَا أَمْ خَيَالٌ طَرَقْ؟

أُفَكِّرُ فِي الهَجْرِ كَيْفَ انْقَضَى ... وَأَعْجَبُ لِلوَصْلِ كَيْفَ اتَّفَقْ

فَلِلْحُبِّ مَا عَزَّ مِنِّي وَهَان ... وَلِلْحُسْنِ مَا جَلَّ مِنْهُ وَدَقْ

لَقَدْ أَبَقَ الدَّمْعُ مِنْ رَاحَتَـ ... ـيَّ لَمَّا أَحَسَّ بِنُعْمَى أَبَقْ (١)

تَطَاوَحَ يَهْرُبُ مِنْ جُوْدِهِ ... وَمَنْ أَمَّهُ السَّيْلُ خَافَ الغَرَقْ (٢)

وَلَهُ فِي أَبِي النّجم هِبَة اللهِ بن بَدِيع الأَصْبَهَانِيّ وَزِيْر الْملك تُتُش، مِنْهَا:

وَخَيْلٍ تَمَطَّتْ بِي وَلَيْلٍ كَأَنَّهُ ... تَرَادُفُ وَفْدِ الهَمِّ أَوْ زَاخِرُ اليَمِّ

شَقَقْتُ دُجَاهُ وَالنُّجُوْمُ كَأَنَّهَا ... قلاَئِدُ نَظْمِي أَوْ مَسَاعِي أَبِي النَّجْمِ (٣)

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ الطُّليطلِي: كَانَ ابْنُ الخَيَّاط أَوّل مَا دَخَلَ طَرَابُلُس وَهُوَ شَابّ يغشَانِي فِي حَلقتِي، وَيُنشدنِي مَا أَسْتكثرُهُ لَهُ، فَأَتَّهِمُهُ لأَنَّنِي كُنْتُ إِذَا سَأَلتُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأَدب، لاَ يَقومُ بِهِ، فَوبَّختُهُ يَوْماً عَلَى قِطعَة عملهَا، وَقُلْتُ: أَنْتَ لاَ تَقُوْم بنَحْو وَلاَ لُغَة، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا الشِّعر؟

فَقَامَ إِلَى زَاويَة، فَفَكَّر، ثُمَّ قَالَ: اسَمِع:

وَفَاضِلٍ قَالَ إِذْ أَنْشَدْتُهُ نُخَباً ... مِنْ بَعْضِ شِعْرِي وَشِعْرِي كُلُّهُ نُخَبُ:

لاَ شَيْءَ عِنْدَكَ مِمَّا يَسْتَعِيْنُ بِهِ ... مَنْ شَأْنُهُ مُعْجِزَاتُ النَّظْمِ وَالخُطَبُ

فَلاَ عَرُوْضٌ وَلاَ نَحْوٌ وَلاَ لُغَةٌ ... قُلْ لِي: فَمِنْ أَيْنَ هَذَا الفَضْلُ وَالأَدَبُ؟

فَقُلْتُ قَوْلَ امْرِئٍ صَحَّتْ قَرِيْحَتُهُ: ... إِنَّ القَرِيحَةَ عِلْمٌ لَيْسَ يُكْتَسَبُ


(١) أبق: اسم عضد الدولة.
(٢) ديوانه: ٢٢١، وخريدة القصر: ١٧٠.
(٣) ديوانه: ١٤٧، وخريدة القصر: ١٩٤.