قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عبد الوَاحِد: هُوَ صَدِيْقٌ لِي، أَحَدُ العُلَمَاء فِي فُنُوْنٍ كَثِيْرَة، بلغَ مَبْلَغَ الإِمَامَة بِلاَ مُدَافَعَةٍ، وَلَهُ عِنْدِي أَيَادٍ كَثِيْرَة، سفراً وَحضراً، جمع مَا لَمْ يَجْمَعْه أَحَدٌ مِنْ أَقْرَانِهِ مِنَ الكُتُب وَالسَّمَاعَات الغزِيْرَة، صَدُوْقٌ فِي جمعه وَكتبه، أَمِيْنٌ فِي قِرَاءته.
قُلْتُ: قَلَّ مَا رَوَى، وَقَدْ نسخ الكَثِيْرَ، وَصَنَّفَ، وَكَانَ يُكْرِمُ الغربَاء وَيُفِيدهُم، وَيهبُهُم الأَجزَاء، وَفِيْهِ دينٌ وَتَقوَى وَخَشْيَة، وَمَحَاسِنُهُ جَمَّة، جمع أَطرَافَ (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَانتشرت عَنْهُ، وَاسْتحسنهَا الفُضَلاَءُ، وَانتقَى عَلَيْهِ الشُّيُوْخُ، فَالثقفِيَّاتُ مِنْ تخرِيجه.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عفِيفَة الفَارفَانِيَة.
أَنبؤونَا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيّ الحَنْبَلِيّ، قَالَ: قِيْلَ: إِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ بن الحَدَّاد نَاظر شهردَار بن شِيْرَوَيْه - وَكَانَ قَدْ تَأَخر عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّاد لأَجْل سَمَاع (صَحِيْح مُسْلِم) عَلَى أَبِي الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيّ - فَقَالَ لَهُ: سُبْحَانَ اللهِ، تركتَ العَوَالِي عِنْد أَبِي، وَاشْتَغَلتَ بِالنَّوازل؟!
فَقَالَ: لَيْسَ عِنْد أَبيك (صَحِيْح مُسْلِم) ، وَهُوَ عَالٍ.
قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِن عِنْدَهُ المخرَّج عَلَيْهِ لأَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ، وَفِيْهِ عَامَّةُ عَوَالِيه، فَإِذَا سَمِعْتَ تِلْكَ مِنْ أَبِي، فَكَأَنَّك سمِعتهَا مِنْ عَبْد الغَافِرِ الفَارِسِيّ، وَلَوْ شِئْتُ لقُلْتُ: كَأَنَّك سَمِعْتَ بعْضَهَا مِنَ الجُلُودي، وَإِنْ قُلْت: كَأَنَّك سَمِعتَهَا مِنِ ابْنِ سُفْيَان لَمْ أَكْذِبْ، وَإِنْ شِئْتُ قُلْتُ: كَأَنَّك سمِعتهَا مِنْ مُسْلِم.
ثُمَّ قَالَ: وَفِيْهِ أَحَادِيْثُ أَعْلَى مِنْ هَذَا، إِذا سَمِعتهَا مِنْ أَبِي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute