للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدْ قتل بِمَنْبِج، فَتملَّك ابْنُ عَمِّهِ تَمرتَاش بن إِيلغَازِي حلب (١) ، وَكَانَ بَلَك قَدْ أَسر بغدوين صَاحِبَ القُدْس، فَاشْتَرَى نَفْسَه، وَهَادَنَهُ، فَغَدَرَ بغدوين، وَحَاصَرَ حلبَ، هُوَ وَدُبَيس الأَسَدِيّ (٢) ، وَمَعَهُمَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ صَاحِب حلب رضوَان بن تُتُش السَّلْجُوْقِي، فَهلك أَهْلُهَا جُوعاً وَموتاً، فَخَرَجَ فِي اللَّيْلِ قَاضيهَا أَبُو غَانم، وَالشَّرِيْفُ زُهْرَة، وَآخر إِلَى تَمرتَاش بِمَاردين، وَفَاتُوا الفِرَنْجَ، فَأَخَذَ يُمَاطِلُهُم تَمرتَاش، فَانْملسُوا مِنْهُ إِلَى المَوْصِل، فَوَجَدُوا البُرْسُقِي مَرِيضاً، فَقُلْنَا: عَاهدِ اللهَ إِن عَافَاك أَنْ تَنْصُرَنَا، فَقَالَ: إِي وَاللهِ، فَعُوفِي بَعْدَ ثَلاَثٍ، فَنَادَى الْغُزَاة، وَلَمَّا أَشْرَف عَلَى حلب، تَقهقرتِ الفِرَنْجُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ مُقَاتِلتُهَا، وَحَملُوا عَلَى العَدُوّ هزموهُم، وَرتَّبَ أُمُوْرَ الْبَلَد، وَأَمدَّهُم بِالغلاَّت، فَبَادرُوا، وَبذرُوا فِي آذَار، وَنقعُوا الْقَمْح وَالشَّعيرَ، فَرتب بِهَا ابْنَه وَرجع (٣) ، وَكَانَ قَدْ أَبَاد فِي الإِسْمَاعِيْليَّة، فَشدَّ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ بِالجَامِع، فَقَتَلَ بِيَدِهِ مِنْهُم ثَلاَثَة، وَقُتِلَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، كَانُوا بزِيِّ الصُّوْفِيَّة، نَجَا مِنْهُم وَاحِد (٤) .


(١) انظر " زبدة الحلب ": ٢ / ٢٢٠، " ونهر الذهب ": ٣ / ٨٦، و" تاريخ حلب ": ١ / ٤٥٠ للطباخ.
(٢) صاحب الحلة، وكان قد وصل إلى الصليبيين - حين ملكوا مدينة صور، تشوفت أنفسهم إلى الاستيلاء على بلاد الشام - فانضم إليهم وأطمعهم في حلب، وقال لهم: إن أهلها شيعة، وهم يميلون إلى لاجل المذهب، فمتى رأوني سلموا البلد إلي، وبذل لهم على مساعدته بذولا كثيرة، وقال: إنني أكون ها هنا نائبا عنكم، ومطيعا لكم، فساروا معه ... " الكامل في التاريخ ": ١٠ / ٦٢٣.
(٣) " الكامل في التاريخ ": ١٠ / ٦٢٣، ٦٢٤، " نهر الذهب ": ٣ / ٨٦، ٨٧، " تاريخ حلب ": ١ / ٤٥٥، ٤٦١ للطباخ، " زبدة الحلب ": ٢ / ٢٣٠.
(٤) " الكامل في التاريخ ": ١٠ / ٦٣٣، ٦٣٤.