للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى اليَمِين، ثُمَّ أَمر بتكتيف أَهْلِ الشِّمَال، وَقَالَ لقرَابَاتهِم: هَؤُلاَءِ أَشقيَاء مِنْ أَهْلِ النَّار، فَلتقْتُلْ كُلُّ قبيلَة أَشقيَاءهَا، فَقتلوهُم، فَكَانَتْ وَاقعَةً عجيبَة، وَقَالَ: بِهَذَا الفِعْل صَحَّ دينكُم، وَقَوِيَ أَمرُكُم.

وَأَهْلُ العَشْرَة هُم: عبدُ المُؤْمِن، وَالهزرجِي، وَعُمَرُ بنُ يَحْيَى الهنتَاتِي، وَعَبْدُ اللهِ البَشِيْر، وَعبدُ الوَاحِد الزوَاوِي طير الجَنَّة، وَعَبْدُ اللهِ بن أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرُ بن أَرنَاق، وَوَاسنَار أَبُو مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بن جَامِعٍ، وَآخر (١) .

وَفِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ؛ جهَّز عِشْرِيْنَ أَلْفَ مقَاتل عَلَيْهِم البَشِيْر، وَعبدُ المُؤْمِن بَعْدَ أُمُوْرٍ يَطولُ شرحُهَا، فَالتَقَى الجمعَانِ، وَاسْتَحَرَّ القتلُ بِالموحِّدين، وَقُتِلَ البَشِيْر، وَدَام الحَرْبُ إِلَى اللَّيْل، فَصَلَّى بِهِم عبدُ المُؤْمِن صَلاَةَ الْخَوْف، ثُمَّ تحيَّز بِمَنْ بَقِيَ إِلَى بُستَان يُعرف بِالبُحَيْرَة، فَرَاح مِنْهُم تَحْتَ السَّيْف ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَكَانَ ابْنُ تُوْمرت مَرِيضاً، فَأَوْصَى بَاتِّبَاع عبدِ المُؤْمِن، وَعَقَدَ لَهُ، وَلقَّبه أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَفتح البِلاَدَ، فَاعضُدُوْهُ بِأَنْفُسكُم وَأَمْوَالكُم، ثُمَّ مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.

قَالَ اليَسع بنُ حَزْم: سمَّى ابْنُ تُوْمرت المرَابطين بِالمُجَسِّمِين، وَمَا كَانَ أَهْلُ المَغْرِب يَدينُوْنَ إِلاَّ بِتَنْزِيه الله - تَعَالَى - عَمَّا لاَ يَجِبُ وَصفُهُ بِمَا يَجِبُ لَهُ، مَعَ تركِ خوضهِم عَمَّا تَقَصْر العُقُوْلُ عَنْ فَهمه.

إِلَى أَنْ قَالَ: فَكفَّرهُم ابْنُ تُوْمرت لِجهلهِم العَرض وَالجَوْهَر، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ، لَمْ يَعرفِ المَخْلُوْقَ مِنَ الخَالِق، وَبأَنَّ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ


(١) انظر " الاستقصا ": ٢ / ٩٢.