للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالسَّكَاكين، وَقُتِلُوا بَعْدَهُ كُلُّهُم.

وَقِيْلَ: كَانَ قَدْ سُقِيَ سُمّاً، ثُمَّ دُفِنَ بِالمَدِيْنَةِ العَتِيْقَة فِي حُجْرَة مِنْ بِنَاء نِظَام الْملك، وَجَاءَ الخَبَرُ إِلَى عَمِّه المقتفِي، فَعقدُوا لَهُ العزَاء يَوْماً وَاحِداً (١) .

وَقَالَ عبدُ الجَلِيْل كوتَاه: دُفِنَ بِجنب الجَامِع بِمدينَة أَصْبَهَان.

قَالَ ابْنُ النَّجَّار: زُرتُ قَبْره بِجيَّ (٢) ، وَهُوَ خشب مَنْقُوْش، وَعَلَيْهِ ستر أَسودُ، فِيْهِ كِتَابَةٌ مِنْ إِبرِيسَم، وَلَهُ فَرَّاشُوْنَ وَخَدَمٌ، وَعَقِبُه باقٍ إِلَى آخِرِ سَنَةِ سِتِّ مائَةٍ.

قُلْتُ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ الرَّاشدُ، بَعَثَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ مَسْعُوْد يَتعنَّتُه، وَيطلُب مِنْهُ ذهباً كَثِيْراً، ثُمَّ قَدِمَ الأَتَابِكُ (٣) زنكِي وَغَيْرُهُ، فَحسَّنُوا لَهُ القِتَالَ لِمَسْعُوْدٍ، وَكَانَ شُجَاعاً، فَخَافُوهُ، ثُمَّ تَغَيَّر عَلَيْهِ زنكِي، فَقَدِمَ الْملك دَاوُدُ بنُ مَحْمُوْدٍ إِلَى الرَّاشد، وَقصدُوا السُّلْطَان مسعُوْداً، فَسَارَ مَسْعُوْدٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَنَازل بَغْدَاد يُحَاصِرُهَا، وَنهب عَسْكَرُه وَاسطاً وَالنُّعْمَانِيَة، وَتَملَّك بَغْدَاد.


(١) يقول ابن الجوزي في " المنتظم ": ١٠ / ٧٦: في سبب موت الراشد ثلاثة أقوال، أحدها: أنه سقي السم ثلاث مرات، والثاني أنه قتله قوم من الفراشين الذين كانوا في خدمته، والثالث: أنه قتله الباطنية، وقتلوا بعده.
(٢) قال ياقوت: جي، بالفتح ثم التشديد: اسم مدينة ناحية أصبهان القديمة، وهي الآن كالخراب منفردة، وتسمى الآن عند العجم شهرستان، وعند المحدثين المدينة، وقد نسب إليها المديني عالم من أصبهان، وفي جي مشهد الراشد بن المسترشد.
(٣) الاتابك: هو الذي يتولى تربية أولاد الملوك والسلاطين، ويقوم برعايتهم، فإن " أتا " بالتركية هو الاب و" بك " هو الأمير، فأتا بك مركب من هذين المعنيين.
ابن خلكان: ١ / ٣٦٥.