للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى آفَاتِ الأَعْمَال، وَالإِخلاَصِ، وَالوَرَعِ، قَدْ جَاهدَ نَفْسَه بِأَنْوَاعِ المُجَاهِدَاتِ، وَزَاوَلَ أَكْثَرَ المِهَنِ وَالصَّنَائِع فِي طَلَبِ الحَلاَل، وَكَانَ مكَاشفاً.

فَعَنْهُ قَالَ: إِذَا أَحَبَّ اللهُ عبداً، أَكْثَر هَمَّهُ فِيمَا فَرَّط، وَإِذَا أَبغض عَبداً، أَكْثَرَ هَمَّه فِيمَا قَسَمَه لَهُ.

وَقَالَ: العِلْمُ مَحَجَّةٌ، فَإِذَا طلبتَهُ لِغَير الله، صَارَ حُجَّة.

وَقِيْلَ: كَانَ يَقْبَلُ النَّذر، ثُمَّ تَركه، لِقَوْل النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ مِنَ البَخِيْلِ (١)) ، ثُمَّ صَارَ يَأْكُلُ بِالمَنَام (٢) .

قَالَ المُبَارَكُ بن كَامِلٍ: مَاتَ العَارِفُ الوَرِعُ النَّاطق بِالحِكْمَة حَمَّاد فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، لَمْ أَرَ مِثْلَهُ، كَانَ بِزِيِّ الأَغنِيَاء، وَتَارَةً بزِيِّ الفُقَرَاء.

وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (٣) :كَانَ يَتصَوَّفُ، وَيَدَّعِي المَعْرِفَة وَالمكَاشفَة، وَعُلُوْمَ البَاطِن، وَكَانَ عَارِياً عَنْ علمِ الشَّرع، وَنَفَقَ عَلَى الجهَال، كَانَ ابْنُ عَقِيْلٍ يُنَفِّرُ النَّاسَ عَنْهُ، وَبَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُعطِي المَحمُومَ لَوْزَةً وَزبِيْبَة ليبرَأَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: إِنْ عُدْتَ لِهَذَا ضربتُ عُنُقَك، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ.


(١) أخرجه من حديث عبد الله بن عمر البخاري (٦٦٩٣) ومسلم (١٦٣٩) كلاهما في النذر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقال: " إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل "، وأخرجه من حديث أبي هريرة مسلم " ١٦٤٠) بلفظ " لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل ".
(٢) في " المنتظم ": ١ / ٢٣، فصار يأكل بالمنامات، وكان يجئ الرجل، فيقول: قد رأيت في المنام: أعط حمادا كذا، فاجتمع له أصحاب ينفق عليهم ما يفتح له.
(٣) المنتظم: ١٠ / ٢٢.