قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُ عبدَ الرَّشِيْد بن عَلِيٍّ الطَّبَرِيّ بِمَرْو يَقُوْلُ: الفُرَاوِي أَلفُ رَاوِي.
وَحَكَى وَالِدُه الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ عَنِ الأَمِيْر أَبِي الحَسَنِ السمحورِي: أَنَّهُ رَأَى فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُوْلُ لابْنِي مُحَمَّد: قَدْ جَعَلتُك فِي عقد المَجْلِس.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر: إِلَى الفُرَاوِي كَانَتْ رحلتِي الثَّانِيَة، وَكَانَ يُقْصَدُ مِنَ النَّوَاحِي لِمَا اجْتَمَع فِيْهِ مِنْ عُلُوِّ الإِسْنَاد، وَوُفُورِ العِلْم، وَصحَّةِ الاعتقَاد، وَحُسنِ الخلقِ، وَالإِقبالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الطَّالب (١) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَسَمِعْتُ الفُرَاوِي يَقُوْلُ:
كُنَّا نَسْمَعُ (مُسْنَدَ أَبِي عَوَانَةَ) عَلَى القُشَيْرِيِّ، وَكَانَ يَحْضُرُ رَئِيْس يَجْلِسُ بِجنب الشَّيْخِ، فَغَاب يَوْماً، وَكَانَ الشَّيْخ يَجْلِسُ وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ أَسودُ خشن، وَعِمَامَةٌ صَغِيرَةٌ، وَكُنْتُ أَظُنّ أَنَّ السَّمَاع عَلَى ذَلِكَ الْمُحْتَشَمَ، فَشرع أَبِي فِي القِرَاءةِ، فَقُلْتُ: عَلَى مَنْ تَقرَأُ وَالشَّيْخ مَا حضَر؟
فَقَالَ: وَكَأَنَّك تَظُنّ أَن شيخَك ذَلِكَ الشَّخْص؟
قُلْتُ: نَعم.
فَضَاق صَدْرُهُ وَاسْترجع، وَقَالَ: يَا بُنَيَّ شيخُك هَذَا القَاعِد، ثُمَّ أَعَاد لِي مِنْ أَوَّل الكِتَاب.
ثُمَّ قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ بن أَبِي نَصْرٍ الطَّبَسِي يَقُوْلُ:
قَرَأْت (صَحِيْح مُسْلِم) عَلَى الفُرَاوِي سَبْعَ عَشْرَةَ نَوْبَة، وَقَالَ: أُوصيك أَنْ تحضر غسلِي، وَأَن تُصلِي عَلَيَّ فِي الدَّار، وَأَنْ تُدْخِلِ لِسَانك فِي فِيَّ،
(١) " تبيين كذب المفتري ": ص: ٣٢٤ - ٣٢٥، وتمام كلامه: فأقمت في صحبته سنة كاملة، وغنمت من مسموعاته فوائد حسنة طائلة، وكان مكرما لموردي عليه، عرافا بحق قصدي إليه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute