للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ لِي ابْنُهُ: وَقُدِّمَ أَبِي بِأَصْبَهَانَ لِيُصلَبَ بَعْدَ أَنْ حَبَسُوهُ مُدَّةً، فَقَالَ لَهُ الجَلاَّدُ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ: لَيْسَ ذَا وَقتَ صَلاَةٍ، اشْتَغِلْ بِمَا أُمرتَ بِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ شَيْخِي يَقُوْلُ: إِذَا عَلَّقْتَ الشَّعيرَ عَلَى الدَّابَةِ فِي أَسفَلِ العَقَبَةِ، لاَ تُوصِلُكَ فِي الحَالِ إِلَى أَعلاَهَا، الصَّلاَةُ نَافِعَةٌ فِي الرَّخَاءِ لاَ فِي حَالَةِ البَأْسِ.

فَوَصَلَ مُسْرِعٌ مِنَ السُّلْطَانِ وَمَعَهُ الخَاتَمُ بِتَسرِيحِهِ، كَانَتِ الخَاتُوْنُ مَعنِيَّةً (١) فِي حَقِّهِ، فَلَمَّا (٢) أُطلِقَ، رَجَعَ إِلَى التَّظَلُّمِ وَالتَّشنِيعِ.

قَالَ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الخَالِقِ بنَ زِيَادٍ يَقُوْلُ:

أَمرَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ أَنْ يُضرَبَ عَطَاءٌ الفُقَّاعِيُّ فِي مِحْنَةِ الشَّهِيْد عَبْدِ الهَادِي بنِ شَيْخِ الإِسْلاَمِ مائَةً، فَبُطِحَ عَلَى وَجْهِه، فَكَانَ يُضرَبُ إِلَى أَنْ ضُرِبَ سِتِّيْنَ، فَشَكُّوا كَمْ ضُرِبَ خَمْسِيْنَ أَوْ سِتِّيْنَ؟

فَقَالَ عَطَاءٌ: خُذُوا بِالأَقلِّ احتِيَاطاً.

وَحُبِسَ مَعَ نِسَاءٍ، وَكَانَ فِي المَوْضِعِ أَترسَةٌ، فَقَامَ بِجُهدٍ مِنَ الضَّربِ، وَأَقَامَ الأَترِسَةَ بَيْنَهُ وَبَينَهُنَّ، وَقَالَ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الخَلوَةِ بِالأَجْنَبِيَّةِ (٣) .

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَطَاءٍ: تُوُفِّيَ أَبِي تَقدِيراً سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.


(١) في الأصل: معينة.
(٢) في الأصل: فكما.
(٣) ورد النهي عن الخلوة بالمرأة الاجنبية عنه صلى الله عليه وسلم عن غير واحد من الصحابة، فأخرجه البخاري (١٨٦١) و (٣٠٠٦) و (٣٠٦١) و (٥٢٣٣) ومسلم (١٣٤١) ، وأحمد ١ / ٢٢٢ من حديث ابن عباس، وأخرجه مسلم (٢١٧٣) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وأخرجه أحمد ١ / ١٨ و٢٦، والطيالسي ص ٧، والترمذي (٢١٦٥) وأبو يعلى (١٣٧) والحاكم ١ / ١١٣ - ١١٥، وأخرجه أحمد ٣ / ٤٤٦ من حديث عامر بن ربيعة، وأخرجه البخاري (٥٢٣٢) ، ومسلم (٢١٧٢) والترمذي (١١٧١) وأخرجه مسلم (٢١٧١) من حديث جابر بن عبد الله.