للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: وَهَذَا تَكلُّفٌ، فَإِنَّهُ (١) عَلَى رَأْسِ المائَةِ الخَامِسَةِ مَا اشْتُهِرَ، إِنَّمَا اشْتُهِرَ قَبْلَ مَوْتِه بِعِشْرِيْنَ عَاماً.

وَرُوِيَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظِ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي عُمُرِي مَنْ يَحفَظُ حِفْظِي.

قَالَ أَبُو مُوْسَى: وَقرَأَ بِرِوَايَاتٍ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ القُرَّاءِ، وَأَمَّا التَّفْسِيْرُ وَالمَعَانِي وَالإِعرَابُ، فَقَدْ صَنَّفَ فِيْهِ كُتُباً بِالعَرَبِيَّةِ وَبِالفَارِسِيَّةِ، وَأَمَّا عِلمُ الفِقْهِ، فَقَدْ شُهِرَتْ فَتَاوِيهِ فِي البَلَدِ وَالرَّسَاتِيقِ (٢) .

قَالَ أَبُو المَنَاقِبِ مُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ العَلَوِيُّ: حَدَّثَنَا الإِمَامُ الكَبِيْرُ، بَدِيْعُ وَقتِه، وَقَرِيعُ دَهْرِه، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.

وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي القَاسِمِ تَعبُّدٌ وَأَورَادٌ وَتَهجُّدٌ، فَقَالَ أَبُو مُوْسَى:

سَمِعْتُ مَنْ يَحكِي عَنْهُ فِي اليَوْمِ الَّذِي قَدِمَ بِوَلَدِه مَيِّتاً، وَجَلَسَ لِلتَّعزِيَةِ، أَنَّهُ جَدَّدَ الوُضُوْءَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مَرَّاتٍ نَحْوَ الثَّلاَثِيْنَ، كُلُّ ذَلِكَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِه: أَنَّهُ كَانَ يُمْلِي شَرْحَ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) عِنْدَ قَبْرِ وَلَدِهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَيَوْمَ تَمَامِه عَمِلَ مَأْدُبَةً (٣) وَحَلاَوَةً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ابْنُهُ (٤) وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسِ مائَةٍ، وَنَشَأَ، وَصَارَ إِمَاماً فِي اللُّغَةِ وَالعُلُوْمِ حَتَّى مَا كَانَ يَتقدَّمُهُ كَبِيْرُ أَحَدٍ فِي الفَصَاحَةِ وَالبَيَانِ وَالذَّكَاءِ، وَكَانَ أَبُوْهُ يُفضِّلُه عَلَى نَفْسِهِ فِي اللُّغَةِ


(١) في الأصل: فإن، وهو خطأ.
وفي " التذكرة ": فإن الرجل ما كان في رأس المئة قد اشتهر.
(٢) انظر " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢٧٩ وفيه: سرت فتاواه بدل شهرت.
(٣) على هامش النسخة: مائدة.
(٤) أبو عبد الله محمد، ترجمه المؤلف في " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢٨٠، والاسنوي في " الطبقات " ١ / ٣٦١، وابن المعاد في " الشذرات " ٤ / ١٠٦.