للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ شَيْخ صَالِح، ديِّن، خَيِّر، حَسَن السِّيْرَةِ، صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ، قَرَأْت عَلَيْهِ (جَامِعَ التِّرْمِذِيِّ) ، وَقُرِئَ عَلَيْهِ عِدَّة نوب بِبَغْدَادَ، وَكَتَبَ بِهِ نُسْخَة بِخَطِّهِ، وَوقفهَا، وَوجدُوا سَمَاعه فِي أُصُوْل المُؤتَمَنِ السَّاجِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَكُنْت أَقرَأُ عَلَيْهِ، فَمَرِضَ، فَنفذ لَهُ بَعْض السَّامعين شَيْئاً مِنَ الذَّهَبِ، فَمَا قَبِلَه، وَقَالَ: بَعْد السَّبْعِيْنَ وَاقْتِرَاب الأَجَلِ آخُذ عَلَى حَدِيْث رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً!

وَرده مَعَ الاحْتِيَاج إِلَيْهِ، ثُمَّ جَاوَرَ بِمَكَّةَ حَتَّى تُوُفِّيَ، وَكَانَ يَنسخ كِتَابَ أَبِي عِيْسَى بِالأُجرَةِ، وَيَتَقَوَّتُ (١) .

قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ (٢) : كَانَ صُوْفِيّاً مِنْ جُمْلَةِ مَنْ لَحِقَتْهُ بَرَكَةُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ، لاَزمَ الفَقْرَ وَالوَرَعَ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ، فِي الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، بَعْد رَحِيلِ الحَاجِّ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.

قُلْتُ: وَهُوَ مِمَّنْ أَجَازَ فِي إِجَازَة النِّشْتِبْرِيّ (٣) .

مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَقَرَأَ شَيْخُنَا ابْنُ الظَّاهِرِيِّ عَلَى النِّشْتِبْرِيّ (جَامِع أَبِي عِيْسَى) كُلَّه عَلَيْهِ، عَنِ الكَرُوْخِيّ، وَحَدَّثَ أَيْضاً بِـ (الجَامِعِ) عُمَرُ بنُ كَرَمٍ بِإِجَازتِه مِنَ الكَرُوْخِيّ، فَالكَرُوْخِيّ فِي طَبَقَةِ شَيْخِ الحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَةَ الصدفِيِّ، فِي رِوَايَة الكِتَابِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.


(١) انظر " الأنساب " ١٠ / ٤٠٩ و٤١٠، و" ذيل تاريخ بغداد " ١ / ٨٣، ٨٤.
(٢) في " التقييد " كما نقله التقي الفاسي في " العقد الثمين " ٥ / ٥٠٢.
(٣) عبد الخالق، متوفى سنة ٦٤٩ هـ، ستأتي ترجمته في الجزء الثاني والعشرين.